الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم أن صلاة الجمعة فرض، ويجب السعي إليها عند سماع ندائها؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ {الجمعة:9}، والعمل ليس عذراً يبيح التخلف عنها، بل الواجب تركه وقت الجمعة والسعي إليها، وكذا صلاة الجماعة واجبة في قول كثير من أهل العلم ولا يجوز التخلف عنها، وقد ذكر الفقهاء أن الأجير يجب عليه ترك العمل وقت الجمعة، وأن وقت الصلاة والطهارة والجمعة مستثنى من وقت الإجارة، فيجب عليه الذهاب إلى الجمعة. فإن منعه صاحب العمل من الذهاب إليها، فقد قال بعض الفقهاء إن هذا يعتبر عذراً يبيح التخلف عنها كما نص عليه فقهاء الشافعية.
والذي ننصح به الأخ السائل هو أن يبذل جهده في المحافظة على الصلاة جماعة، وكذا الجمعة فإن تعذر ذلك بكل حال فنرجو أن يكون معذوراً في تركها على قول بعض الفقهاء، ويصلي ظهراً لكن مع السعي الجاد في البحث عن عمل آخر، وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أن من الأعذار التي يجوز معها التخلف عن الجمعة خوف الإنسان على ماله أن يضيع أو كان في خروجه إلى الجمعة ضرر عليه ونحو ذلك.
قال صاحب الروض عند ذكره لتلك الأعذار: ويعذر بتركهما خائف من ضياع ماله أو فواته أو ضرر فيه كمن يخاف على ماله من لص ونحوه أو له خبز في تنور يخاف عليه فساداً أو له ضالة أو آبق يرجو وجوده إذا أو يخاف فوته إن تركه... أو يتضرر في معيشة يحتاجها.. انتهى.
قال النجدي في حاشيته على الروض معلقاً على الجملة الأخيرة (ينضر في معيشة... إلخ): بأن عاقه حضور جمعة أو جماعة عن فعل ما هو محتاج لأجرته، كما لو كانت أجرته بقدر كفايته، أو هو وعياله، أو ثمنه، أو تحصيل تملك مال يحتاج إليه. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 142417.
والله أعلم.