الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لأمه السدس ـ فرضا ـ لوجود جمع من الأخوات, قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ {النساء: 11}.
قال القرطبي: وأجمع أهل العلم على أن أخوين فصاعداً ـ ذُكراناً كانوا، أو إناثاً من أب وأُم، أو من أب، أو من أُم ـ يحجبُون الأُم عن الثلث إلى السدس. اهـ.
ولأخته الشقيقة النصف ـ فرضا ـ لقول الله تعالى في آية الكلالة: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ {النساء: 176}.
ولأخته من الأب السدس تكملة الثلثين، ودليل هذا الإجماع, قال ابن قدامة في المغني: فإن كانت أخت واحدة لأب وأم وأخوات لأب فللأخت للأب والأم النصف، وللأخوات من الأب ـ واحدة كانت، أو أكثر من ذلك ـ السدس تكملة الثلثين، وهذه الجملة كلها مجمع عليها بين علماء الأمصار. اهـ.
والباقي للعم الشقيق ـ تعصيبا ـ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. متفق عليه.
ولا شيء للجدة، لأنها محجوبة حجب حرمان بالأم, قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الأم تحجب أُمها وأُم الأب. اهـ.
فتقسم التركة على ستة أسهم, للأم سدسها ـ سهم واحد ـ وللأخت الشقيقة نصفها, ثلاثة أسهم, وللأخت من الأب سدسها, سهم واحد, وللعم الشقيق الباقي, سهم واحد.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا، أو ديون، أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.