الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما يفعله الشخص حال صغره وقبل بلوغ سن التكليف فإنه غير مؤاخذ به، لما تقرر في الشريعة الغراء من رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ، أما ترك الصلاة بعد بلوغ سن التكليف: فإنه من أكبر الكبائر بلا خلاف، وبعض العلماء يجعله من الكفر الأكبر المخرج من الملة. وقد سبق بيان حكم تارك الصلاة في الفتوى رقم: 1145.
وقد سبق بيان حكم إتيان الكهنة والمشعوذين في الفتوى رقم: 32989.
وما دام هذا الشخص قد تاب إلى الله جل وعلا من ذنوبه وواظب على أداء الصلاة فنرجو أن يقبل الله سبحانه منه.
وأما هذه الوساوس بخصوص رد الأعمال وعدم قبولها فهي من الشيطان، وعليه أن يجتهد في صرفها عنه بكل سبيل، وأن يحسن الظن بربه جل وعلا.
أما بخصوص الشق الثاني من السؤال فنقول: لا شك أن المعصية سبب للعقوبة إلا أن عفو الله عز وجل، ومن عظيم رحمة الله سبحانه بعباده أنه يعفو لهم عن كثير من ذنوبهم وسيئاتهم، كما قال سبحانه: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى: 30}.
كما أن من فضله ورحمته أن جعل ما يصيب المؤمن كفارة، فقد روى ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني: أن أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ قال يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به... الآية، وكل شيء عملناه جزينا به؟ فقال غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ ألست يصيبك اللأواء؟ قال فقلت بلى، قال هو ما تجزون به. انتهى.
فدل هذا الحديث على أن ما يصيب المؤمن من هم وحزن وكآبة إنما هو بسبب ذنوب تقدمت منه، ولكن هذا برحمة الله وفضله يكون كفارة لذنوبه، وتصديق ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من نَصَبٍ ـ تعب ـ ولا وَصَبٍ ـ مرض ـ ولا هَمّ ولا حَزَنٍ ولا أذى ولا غَمّ حتى الشوكة يُشَاكُها إلا كفَّر الله بها من خطاياه. متفق عليه.
فعلى العبد أن يسارع بالتوبة إلى الله جل وعلا إن اكتسب إثما، أو خطيئة، ثم إن أصابه بعد ذلك بلاء، أو عقوبة فليصبر لحكم ربه ويرضى بقضائه فهو سبحانه أحكم الحاكمين.
والله أعلم.