الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن طواف الحائض لا يصح في قول جمهور أهل العلم، وعلى هذا القول فزوجتك لم تزل محرمة لم تحل التحلل الثاني ويجب عليها أن تأتي مكة وتتم نسكها، وهذا أحوط الأقوال وأبرؤها للذمة، وفي المسألة قول ثان وهو أن الطهارة واجبة للطواف وليست شرطا في صحته، وأن طواف الحائض صحيح ويلزمها بدنة لهجومها على الطواف حال الحيض، وهو رواية عن أحمد ومذهب أبي حنيفة، وجوز بعض الشافعية الأخذ بهذا القول عند الضرورة، وانظر الفتوى رقم: 140656.
وفي المسألة قول ثالث وهو ما قرأته في هذا الكتاب المذكور، وهو أن الحائض إذا اضطرت للطواف طافت ولا شيء عليها وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإن كنت قد قلدت أحد من تثق به من العلماء في هذه المسألة رجونا أن يكون ذلك مجزئا وألا يلزم زوجتك الرجوع إلى مكة فإن فرض العامي هو سؤال أهل العلم واتباع ما يفتون به.
وإن كان الذي ننصحك به هو أن تذهب زوجتك إلى مكة فتقضي نسكها وإن استلزم ذلك شيئا من التعب والنفقة فإن الله تعالى لن يضيع هذا الجهد، وفي ذلك خروج من الخلاف واحتياط للدين وإبراء للذمة بيقين.
وأما ما وقع من الجماع فإن كان عن جهل واعتقاد أنها قد حلت التحلل الثاني فلا شيء عليها، وأما إن كانت معتقدة أنه يلزمها الرجوع إلى مكة فعليها دم يذبح في مكة ويوزع على فقراء الحرم.
قال في الروض: والوطء بعد التحلل الأول لا يفسد النسك وعليه شاة. انتهى.
والله أعلم.