الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم ـ هداك الله ـ أن الهموم والغموم والاكتئاب والحزن لا يدفع بمثل الإقبال على الله تعالى والاجتهاد في طاعته، فبهذا تحصل قرة العين ولذة النفس ونعيم الروح ويزول عن الإنسان التعب والعناء والهم والحزن ولهذا، قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ. {البقرة: 45}.
وقال صلى الله عليه وسلم: وجعلت قرة عيني في الصلاة.
فإذا علمت هذا، فالذي ننصحك به هو أن تقبل على ربك تعالى وتجاهد نفسك على فعل ما تركته من الطاعات بل على التزود والاستكثار منها، فإن هذا من أمثل العلاج لما تعاني منه، وعليك كذلك مراجعة الأطباء الثقات امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي، واعلم ـ هداك الله ـ أن الصلاة لا تسقط إلا عمن زال عقله حتى صار في حد الجنون وذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة... وذكر منهم: المجنون حتى يفيق. رواه أبو داود.
والذي نظنه أن الحال لم يصل بك إلى هذا الحد، فما دام عقلك ثابتا، فإن الصلاة لا تسقط عنك، بل تأثم بتركها، وإثم تعمد ترك الصلاة عظيم وعاقبة ذلك وخيمة، وانظر لبيانها الفتوى رقم: 130853.
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى وتجاهد نفسك في الحفاظ على الصلوات، إذ لا عذر لك في تركها، وعليك قضاء ما تركته من صلوات متعمدا في تلك المدة إن كنت تركتها وعقلك ثابت، إلا أن تكون تجن أحيانا فيزول عقلك كله فلا إثم عليك إذن ولا يلزمك قضاء ما تركته من صلوات زمن الجنون، جاء في الروض مع حاشيته: ولا تصح الصلاة من مجنون ولا يقضي إذا أفاق، إلا أن يفيق في وقتها، قال الشارح: لا نعلم فيه خلافا، والأبله الذي لا يفيق كالمجنون يقال: رجل أبله بين البله، وهو الذي لا يعقل.
وأما ما ذكرت من فعلك لبعض التصرفات وهل أنت مؤاخذ بها أم لا؟ فإن كنت تقصد بهذه التصرفات تصرفات محرمة شرعاً فاعلم أن الإنسان في حاله اختياره مؤاخذ، أما إذا غلب على عقله ولم يكن له اختيار فلا إثم عليه، لكن يضمن إن كان أتلف مالاً للغير ونحو ذلك مما يلحق به الضمان، وراجع الفتويين رقم: 75217، ورقم: 50687.
والله أعلم.