الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا أنه لم يثبت دليل شرعي فيما نعلم على وضع قطن في مخارج الميت وإنما استحبه بعض الفقهاء لوروده عن بعض السلف، ولأنه يمنع خروج شيء من تلك المنافذ، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 27382.
وأما القيام للجنازة فقد ذهب بعض الفقهاء إلى استحبابه، وذهب آخرون إلى عدم الاستحباب وأن الأمر بالقيام لها منسوخ.
قال ابن قدامة في المغني : فَصْلٌ : إذَا مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ الْقِيَامُ لَهَا ؛ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَعَدَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ إِسْحَاقُ مَعْنَى قَوْل عَلِيٍّ يَقُولُ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا رَأَى جِنَازَةً قَامَ ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ بَعْدُ , قَالَ أَحْمَدُ : إنْ قَامَ لَمْ أَعِبْهُ، وَإِنْ قَعَدَ فَلَا بَأْسَ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى ، وَالْقَاضِي ، أَنَّ الْقِيَامَ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الْجِنَازَةَ فَلْيَقُمْ حِينَ يَرَاهَا ، حَتَّى تَخْلُفَهُ }. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَدْ ذَكَرْنَا : أَنَّ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكُ الْقِيَامِ لَهَا ، وَالْأَخْذُ بِالْآخِرِ مِنْ أَمْرِهِ أَوْلَى ، فَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ: أَنَّ يَهُودِيًّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ لِلْجِنَازَةِ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ : هَكَذَا نَصْنَعُ فَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِيَامَ لَهَا اهـ. وانظر المزيد في الفتوى رقم: 105308 .
والله أعلم.