الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا بيان نجاسة الكحول ـ الذي هو الخمر ـ في فتاوى كثيرة، وهذا هو مذهب الجمهور.
ومن ثم، فاستعمال هذه الكحول إن كان يصدق عليه حد الخمر محرم، لقوله تعالى: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه. { المائدة: 90 }.
وانظر الفتويين رقم: 112455ورقم: 56756، ومن خلال الفتوى الثانية يتبين لك ما استدل به الجمهور على نجاسة الخمر.
ومن ثم، فإن الصلاة في ثياب موضوع عليها هذه الكحول، أو في بقعة يلامس فيها المصلي هذه الكحول تعد باطلة، لأن اجتناب النجاسة في البدن والثوب والبقعة شرط في صحة الصلاة على الراجح.
وأما الصلاة في البيت مع مجانبة الموضع الذي استعملت فيه هذه الكحول: فصحيحة، ولا يبطل شمها الصلاة، لأن الرائحة ليست عينا تبطل بها الصلاة، وإن كان الواجب على المسلم تجنب استعمال هذه المرطبات ونحوها مما يحتوي على الكحول وأن لا يتعمد شمها والتلذذ بريحها، قال العلامة: الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله: وعلى هذا فالمسكر الذي عمت البلوي اليوم بالتطيب به المعروف في اللسان الدارجي: بالكولانيا ـ نجس لا تجوز الصلاة به، ويؤيده أن قوله تعالى في المسكر: فَاجْتَنِبُوهُ ـ يقتضي الاجتناب المطلق الذي لا ينتفع معه بشيء من المسكر، وما معه في الآية بوجه من الوجوه، كما قاله القرطبي وغيره.
قال مقيده ـ عفا الله عنه: لا يخفى على منصف أن التضمخ بالطيب المذكور والتلذذ بريحه واستطابته واستحسانه مع أنه مسكر، والله يصرح في كتابه بأن الخمر رجس فيه ما فيه، فليس للمسلم أن يتطيب بما يسمع ربه يقول فيه: إنه ـ رِجْسٌ ـ كما هو واضح، ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإراقة الخمر فلو كانت فيها منفعة أخرى لبينها، كما بين جواز الانتفاع بجلود الميتة، ولما أراقها.
انتهى كلامه ـ رحمه الله.
والله أعلم.