الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكلا المسجدين تصح الصلاة فيه، وكلاهما يصدق عليه اسم المسجد شرعاً، وكون أحدهما مبنياً تحت بيت لا يمنع من تسميته مسجداً.
ففي الموسوعة الفقهية: أجاز الشافعية والمالكية والحنابلة جعل علو الدار مسجداً، دون سفلها، والعكس، لأنهما عينان يجوز وقفهما، فجاز وقف أحدهما دون الآخر، كالعبدين. انتهى.
وكون المسجد الآخر مما يقع فيه بعض البدع الإضافية ليس مانعاً كذلك من الصلاة فيه، والظاهر أن أهل هذا المسجد إنما يفعلون هذا عن جهل، فعليكم بمناصحتهم وأن تبينوا لهم أن ما يفعلونه خطأ، وأن الأولى بهم هو اتباع السنة فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وليكن ذلك بلين ورفق ليكون ادعى لاستجابتهم وانتصاحهم.
وأما أولى المسجدين بالصلاة فيه.. فإن الأولى بالمسلم أن يصلي في مسجد الحي الذي يسكنه، ثم الأولى بعد ذلك الصلاة في المسجد الأكثر جمعاً فالأبعد، لكن إن كان مقصود الصلاة من تحصيل الخشوع فيها ونحو ذلك يتحقق في أحدهما فهو الأولى بالصلاة فيه لأن ما تعلق بذات العبادة مقدم على ما تعلق بزمانها أو مكانها، وعليه؛ فالأولى أن تصلي في المسجد الذي يحصل لك فيه الخشوع، فإن استويا فصل في مسجد حيك، وقد أوضحنا هذه المسألة بأبسط من هذا في الفتوى رقم: 124518 فانظرها للأهمية.
وننبه إلى أنه حيث علم أن هذا المبتدع سيؤم الناس فالذي ينبغي هو الصلاة في المسجد الثاني، فإن الصلاة خلف الفاسق والمبتدع مكروهة باتفاق، بل ذهب بعض العلماء إلى بطلانها وإن كان الراجح صحتها، وراجع فيه الفتوى رقم: 115770، والفتوى رقم: 134217.
وهذا كله فيما إذا كان كلا المسجدين موقوفاً للصلاة فيه، وأما إذا كان أحدهما مصلى لا تنطبق عليه أحكام المسجد فالصلاة في المسجد الموقوف أولى، وذلك لما في شهود الصلاة في المساجد من الفضيلة العظيمة، وخروجها من خلاف من أوجب الجماعة في المسجد.
قال الشيخ العثيمين في بيان الفرق بين المصلى والمسجد: الفرق بين المصلى والمسجد أن المصلى مكان صلاة فقط، والمسجد معد للصلاة عموماً كل من جاء فيه فإنه يصلي فيه، ويعرف أن هذا وقف... لا يمكن بيعه ولا التصرف فيه، وأما المصلى فإنه يمكن أن يترك ولا يصلى فيه، وأن يباع تبعاً للبيت الذي هو فيه.. وبناء على ذلك يختلف الحكم، فالمساجد لا بد لها من تحية، ولا تمكث فيها الحائض مطلقاً ولا الجنب إلا بوضوء ولا يجوز فيه البيع والشراء بخلاف المصلى. انتهى.
والله أعلم.