الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يخفى أن الزنا من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله ، فإذا كان زوجك على الحال التي ذكرت من ارتكاب هذه الفاحشة، فالأولى ـ بلا شك ـ أن تطلقي منه.
أما بخصوص القسم الذي أقسمه زوجك: فإذا كان بصيغة أنه إذا عاد إلى الفاحشة فأنت طالق ثلاثاً، فالجمهور على أن هذا الطلاق يقع ثلاثاً إذا فعل زوجك الفاحشة، خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أن الطلاق المعلق الذي يقصد به التأكيد، أو التهديد، أو المنع، أو الحث لا يقع به الطلاق.
وعليه، فإذا كان زوجك لم يقصد طلاقك، وإنما قصد التأكيد على عدم رجوعه للفاحشة، فإن الطلاق لا يقع برجوعه للفاحشة، وإنما تلزمه كفارة يمين، كما أنه يرى أن الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، والمفتى به عندنا هو قول الجمهور.
وعليه، فإذا كان الأمر مجرد شك عندك في رجوعه للفاحشة فلا يترتب على هذا الشك شيء، فيقين الزواج لا يزول بالشك، أما إذا كنت قد علمت يقيناً بوقوع زوجك في الفاحشة بعد هذا القسم، فقد وقع عليك الطلاق ثلاثاً وحرمت عليه، ولا يحل لك البقاء معه، وتجب عليك مفارقته ولو بتنازلك عن حقوقك المادية، ففي مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية صالح: وسألته عن امرأة ادعت أن زوجها طلقها وليس لها بينة وزوجها ينكر ذلك، قال أبي: القول قول الزوج، إلا أن تكون لا تشك في طلاقه قد سمعته طلقها ثلاثا، فإنه لا يسعها المقام معه وتهرب منه وتفتدي بمالها.
لكن بما أن هذه المسألة من مسائل الخلاف، فلا بد أن ترجعي فيها إلى المحكمة الشرعية، فالمسائل المختلف فيها لا يقطع حكم النزاع فيها ويرفع الخلاف إلا حكم القاضي الشرعي، فإن حكمت لك بالطلاق، أو اقتنع الزوج به، فلا تخافي من عواقبه، فلن يضيعك الله، قال تعالى : وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ.{ النساء:130}. قال القرطبي: أي وإن لم يصطلحا، بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. انتهى.
والله أعلم.