الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالطلاق المعلق يقع عند الجمهور بمن فيهم المذاهب الأربعة إذا حصل ما علق عليه وهو القول الراجح، وإذا كان ثلاثا فإنه يقع ثلاثا، وبذلك تحرم الزوجة حتى تنكح زوجا غير زوجها نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية تلزمه كفارة يمين إن كان لا يقصد طلاقا، وإن قصده لزمته طلقة واحدة، وفي هذه الحالة له مراجعتها قبل تمام عدتها إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 131019. وحمل الزوجة لا يمنع وقوع طلاقها وراجع الفتوى رقم: 8094.
كما أن إقامتها في بلاد الكفر لا تغير شيئا من الحكم الشرعي، ومذهب الجمهور أن الزوج لا يمكنه التراجع عن الطلاق إذا علق على أمر.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية إذا قصد الطلاق جاز التراجع عنه.
جاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: مسألة: إذا علق طلاق امرأته على شرط، فهل له أن ينقضه قبل وقوع الشرط أو لا؟ مثاله: أن يقول لزوجته: إن ذهبتِ إلى بيت أهلك فأنت طالق، يريد الطلاق لا اليمين، ثم بدا له أن يتنازل عن هذا، فهل له أن يتنازل أو لا؟ الجمهور يقولون: لا يمكن أن يتنازل، لأنه أخرج الطلاق مِنْ فِيهِ على هذا الشرط، فلزم كما لو كان الطلاق منجزاً، وشيخ الإسلام يقول: إن هذا حق له، فإذا أسقطه فلا حرج، لأن الإنسان قد يبدو له أن ذهاب امرأته إلى أهلها يفسدها عليه، فيقول لها: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، ثم يتراجع ويسقط هذا. انتهى.
والمفتى به عندنا في هذا الموضوع هو مذهب الجمهور، وبالتالي فلا يمكن التراجع عن التعليق، وإن حصل الحنث كانت البينونة الكبرى. مع التنبيه على أن الزوج إن كان غضبه شديدا وقت الحلف بالطلاق بحيث كان لا يعي ما يقول فلا شيء عليه لارتفاع التكليف عنه حينئذ؛ كما سبق في الفتوى رقم:35727.
والله أعلم.