الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في فتاوانا مرارا وتكرارا أن الوسواس من شر الأدواء وأخطر الأمراض التي إن استسلم العبد لها كدرت صفو حياته ونغصت عليه عيشه وأفسدت عليه دينه ودنياه، وأنه لا علاج لهذه الوساوس إلا الإعراض عنها وعدم الالتفات إلى شيء منها ولا الاكتراث بها البتة، فعليك أيتها الأخت الكريمة أن تأخذي بهذا العلاج، وأن تجاهدي نفسك على ترك هذه الوساوس، وإذا صدقت وكانت منك العزيمة القوية في التخلص من هذه الوساوس، فإن الله تعالى سيعينك على التخلص منها ويشفيك بمنه وكرمه، وانظري لكيفية علاج الوسوسة الفتوى رقم: 51601ورقم: 134196.
ثم اعلمي أن التسمية سنة فلو تركتها في الوضوء بالكلية فوضوؤك صحيح وصلاتك صحيحة، فلا حاجة إلى الوسوسة في أمر التسمية وإعادتها أكثر من مرة.
كما أن ما فعلته -من قولك إنك لو أعدت التسمية فستعيدين صيام هذا اليوم- لا أثر له على صحة الصوم ولا يفسد به صومك، بل صومك صحيح لأنه لم يطرأ عليه ما يفسده.
فحذار حذار أن تقضي شيئا من هذه الأيام بعد أن علمت الحكم الشرعي، وهو أن صومك لها وقع صحيحا وأنها لم تبطل بذلك، فإن قضاءك لها استسلام منك للوساوس وتماد في الاسترسال معها ومخالفة الشرع، بل عليك كلما وسوست في أمر من أمور العبادة أن تعرضي عن الوسواس وترفضيه، فإن قال لك الشيطان إنك لم تغسلي عضو كذا فابني على أنك قد غسلته، وإن قال لك إنك لم تكبري أو لم تقرئي آية كذا فأعرضي عن هذا كله وامضي في عبادتك حتى يعافيك الله تعالى ما لم يحصل لك اليقين بالترك.
وأما ما حلفت من أيمان أو نذرت من نذور، فإن كان حلفك ونذرك ثم حنثك إن كنت قد حنثت واقعا تحت تأثير الوسوسة بحيث لا يمكنك دفعه فلا شيء عليك إن شاء الله لأنك في معنى المكره، ولمزيد التفصيل حول ما يلزمك تجاه تلك الأيمان والنذور انظري الفتوى رقم: 136030.
وأما ما يلقيه الشيطان في قلبك من الوساوس في الإيمان وإيهامك بأنك قد خرجت من الملة والعياذ بالله فهو من تلبيسه ومكره، فلا تلتفتي إلى شيء من ذلك، وثقي بأنك على ملة التوحيد والحمد لله، نسأل الله أن يحيينا ويميتنا وإياك عليها.
والله أعلم.