الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا تناقض بين فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية وبين كلام الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع، فكل منهما صحيح ـ إن شاء الله تعالى ـ ففتوى شيخ الإسلام تفيد أن الطلاق يقع نافذا إن كان النكاح مختلفا فيه واعتقد الزوج صحته، حيث قال في مجموع الفتاوى: ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه إذا اعتقد صحته. انتهى.
وقد وافقه الشيخ ابن عثيمين على ذلك، حيث قال في الشرح الممتع: وذلك أن النكاح ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قسم متفق على صحته، وقسم متفق على بطلانه، وقسم مختلف فيه.
فالمتفق على صحته يقع فيه الطلاق، ولا إشكال فيه بإجماع المسلمين.
والمتفق على بطلانه لا يقع فيه الطلاق، لأنه باطل، والطلاق فرع عن النكاح، فإذا بطل النكاح فلا طلاق، مثل ما لو تزوج أخته من الرضاع غير عالم، فهذا النكاح باطل بإجماع المسلمين، لا يقع الطلاق فيه، وكذلك لو تزوج امرأة وهي معتدة، فإنه لا يقع الطلاق فيه، لأن العلماء مجمعون على أن المعتدة لا يجوز نكاحها، لقوله تعالى: وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ. { البقرة: 235 }.
وأما النكاح المختلف فيه: فلا يخلو من حالين:
الأولى: أن يرى المتزوج صحته، فإن رأى صحته، فإن الطلاق يقع ولا إشكال في ذلك، مثاله: رجل تزوج امرأة رضعت من أمه ثلاث رضعات، وهو يرى أن الرضاع المحرم خمس رضعات، فالنكاح في رأيه صحيح، فهذا يقع فيه الطلاق بلا شك. انتهى.
وعليه، فلا تناقض بين كلام الشيخين في مسألة وقوع الطلاق في النكاح الفاسد المختلف فيه، ولعل السائل الكريم لم يقرأ كلامهما مكتملا.
والله أعلم.