أضواء على قول الله جل وعلا: مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى

4-10-2010 | إسلام ويب

السؤال:
أو ليس قد قال الله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القران لتشقى، فوالله لا أعلم لماذا أحس أني في شقاء في تطبيق كل شيء، والله أني أردت أن أكون قائما في طاعة الله، وأن أحسن وأن لا أعصي، ولكني في شقاء فإني لا أجد بديلا لكل شيء ومشاكلي وإن هانت، وأنا شاب في بيت يخف الالتزام فيه من أهل وأصدقاء أريد أن أطلق اللحية ولكن حرم تحديد الخد فشكلي سيقبح، وتركت كل غناء وكل نشيد فيه موسيقى وحرم الإيقاع وبقي الهم همة فقط وأهلي والكل يسمع أناشيد الموسيقى، فلا توجد مقارنة والإيقاع حرام وأغض بصري ولكني كثير الوقوع فيه فالنساء في شوارعنا وتلفازنا، ولدي فراغ أكاد أموت لا أجد سوى كثرة مشاهدة الشيوخ والكراسي فقط، فلا يوجد برامج حلال فكلها حرام والنساء في كل مكان، وتناديني العادة السرية فأبتعد وأنا أرغب إني في عمر المراهقة، أكاد أكره حياتي ولا أجد بديلا وفي كل يوم أشعر به كأنه سنة وأريد الزواج ولا أقدر وعمري صغير انصحوني فأني أحب الله وأكاد أبكي؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن قول الله جل وعلا:  طه*مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى. { طـه:2،1}. يحتمل معنين أولهما: أنه تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم عما كان يعتريه من جهة المشركين من التعب، والمعنى : ما أنزلنا عليك القرآن لتتعب بفرط تأسفك عليهم وعلى كفرهم ، وتحسرك على أن يؤمنوا ، فهو كقوله سبحانه :  فلعلك باخع نفسك.

 والمعنى الثاني: لصرفه صلى الله عليه وسلم عما كان عليه من المبالغة في العبادة، وما أحسن ما قاله قتادة حيث قال عن هذه الآية: لا والله ما جعله شقاء ، ولكن جعله رحمة ونوراً ودليلاً إلى الجنة، إلا تذكرة لمن يخشى، إن الله أنزل كتابه وبعث رسوله رحمة رحم بها عباده ليتذكر ذاكر ، وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله، وهو ذكر أنزل الله فيه حلاله وحرامه .اهـ .    

  وعلى كلا المعنيين فلا علاقة للآية بما ذكره الأخ السائل مما قد يجد المسلم من مشقة التكليف والالتزام بالأوامر والنواهي، فمثل هذه المشقة موجودة بلا شك، وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا . {المزمل:5}

 فعلى أحد التفسيرين لهذه الآية أن المراد ثقل العمل به، قاله الحسن وقتادة وغيرهما. ومع هذا فإن هذا الثقل يكون في بادئ الأمر، فإذا استقر الإيمان في القلب وجد المسلم الراحة والسرور بما هو فيه من طاعة ربه تعالى، ويسر الله له ما كان يراه عسيرا تصديقا لوعده سبحانه في قوله: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. {الليل:7،6،5}.

فعليك بالتقوى والصبر وستجد عاقبة ذلك خيرا.

ولا ندري ما تعني بقولك: لا أجد سوى كثرة مشاهدة الشيوخ والكراسي فقط، فإن كنت تعني بذلك سماع المحاضرات فلا شك أن هذا من الخير فلا ينبغي أن تتضجر منه، ثم إن التضجر قد يكون منشؤه التدين على غير بصيرة المائل نحو التشدد والتضييق على النفس وإعطاء الأمر أكبر من حجمه الشرعي. فلا حرج عليك في أن تروح على نفسك بما هو مباح، وهو كثير، فهنالك قنوات إسلامية تقدم كثيرا من البرامج النافعة الماتعة ، كما أنك قد تجد في البلد والمكان الذي نعيش فيه بعض الشباب الصالحين الذين يمارسون الرياضة ونحو ذلك من الأنشطة المفيدة فاحرص على صحبتهم فإنهم سيكونون خير معين لك على الاستقامة.

  وأما ما تراه من انغماس من حولك في اللهو واللعب واتباع الشهوات المحرمة فلا تغتر به، فهم ليسوا في سعادة بذلك وإنما هم في شقاء ونكد. فقد قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طـه:124}. وحرصهم على اللهو واللعب إنما من أجل أن يشغلوا أنفسهم عما قد يجدون في قلوبهم من أثر المعاصي من هم وغم ونكد. فإن للمعصية ظلمة في القلب وسوادا في الوجه ووهنا في البدن وضيقا في الرزق وبغضا في قلوب الخلق؛ كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.

والله أعلم.

                                                          

www.islamweb.net