الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فينبغي أن تكون محبتك لتلك الصديقة محبة في الله، وليست محبة لحظوظ النفس واتباع الهوى ، وانظري في ذلك الفتوى رقم : 52433, وعليكما الحرص على مراعاة حدود الله والحذر من اتباع خطوات الشيطان ، ومن ذلك اجتناب الاحتضان والقبلات إذا كانت على الفم أو لا تؤمن منها الفتنة. ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:. وَلاَ تُفْضِى الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ " رواه مسلم.
قال العظيم آبادي : " أي في ثوب واحد والمعنى لا يضطجعان متجردين تحت ثوب واحد ، قال في المجمع هو نهي تحريم إذا لم يكن بينهما حائل بأن يكونا متجردين وإن كان بينهما حائل فتنزيه. وانظري الفتوى رقم : 20802.
وأما ما يدور بنفسك من الخواطر، فالأصل أنّ مجرد حديث النفس لا يحاسب عليه الإنسان لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ، ما لم تعمل أو تتكلم " ( متفق عليه) .
لكن هذه الخواطر مع قرب صديقتك منك، وما تذكرينه من نومكما وقبلاتكما يخش منه أن تصلا إلى الوقوع في محظور، فاحذري من التمادي مع هذه الخيالات، واحسمي مادة الشر، واقطعي على الشيطان الطريق بالتنزه عن هذه الخواطر، واعلمي أنّ الاسترسال معها باب إلى الفتنة والفساد.
قال ابن القيم: قاعدة في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال: وهي شيئان أحدهما حراسة الخواطر وحفظها والحذر من إهمالها والاسترسال معها، فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء؛ لأنها هي بذر الشيطان والنفس في أرض القلب، فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات، ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال.
واعلمي أن أن القصد والاعتدال في الحب وفي الأمور كلها هو الموافق للشرع، ومن أسباب طمأنينة النفس وانشراح الصدر ، فينبغي الحذر من الإفراط في التعلق بتلك الصديقة ، وينبغي أن تكون صداقتكما تعاونا على طاعة الله وأمور البر، وعليكما أن تحذرا من الفراغ ، ولتشغلا الأوقات بما ينفع في الدين والدنيا .
وللفائدة راجعي الفتوى رقم : 78095.
والله أعلم.