الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الهبة للأولاد لا حرج فيها، ما دام العدل بينهم في ذلك متحققا، ولكن لابد أن ينتبه السائل إلى أن هذا المال إذا كان التمليك فيه مضافا إلى ما بعد الموت فهو وصية لا هبة، والوصية لا تجوز لوارث. وأنه إنما يكون هبة إذا كان التمليك في الحال، وبذلك يكون السائل نفسه هو الذي يقبض هذه الهبة عن ابنيه، قال ابن قدامة في (المغني): إن وهب الأب لابنه شيئا , قام مقامه في القبض والقبول إن احتيج إليه. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا وهب لولده الطفل دارا بعينها أو عبدا بعينه وقبضه له من نفسه وأشهد عليه, أن الهبة تامة. هذا قول مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي. وروينا معنى ذلك عن شريح وعمر بن عبد العزيز. ثم إن كان الموهوب مما يفتقر إلى قبض اكتفي بقوله: قد وهبت هذا لابني وقبضته له. لأنه يغني عن القبول كما ذكرنا. ولا يغني قوله: قد قبلته. لأن القبول لا يغني عن القبض. وإن كان مما لا يفتقر اكتفي بقوله: قد وهبت هذا لابني. ولا يحتاج إلى ذكر قبض ولا قبول. قال ابن عبد البر: أجمع الفقهاء على أن هبة الأب لابنه الصغير في حجره لا يحتاج إلى قبض, وأن الإشهاد فيها يغني عن القبض وإن وليها أبوه; لما رواه مالك عن الزهري عن ابن المسيب أن عثمان قال: من نحل ولدا له صغيرا لم يبلغ أن يحوز نحلة, فأعلن ذلك وأشهد على نفسه, فهي جائزة, وإن وليها أبوه اهـ.
وعلى ذلك فعليك أن تُشهد على هذه الهبة التي جاءت من قبلك إتماما وإنفاذا لها. أما ما كان من هذه الهبات هدايا أو عيديات أو غير ذلك من غيرك وقبلته لمن أعطي له من ولدك فإنه يملكه بذلك وهو خاص به في حياتك وبعد موتك.
ثم ننبه السائل على أن مال كل صبي لو بلغ نصابا وحال عليه الحول أنه يجب فيه الزكاة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 38213 .
والله أعلم.