الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأعلم أولاً أن العلماء مختلفون في أكثر سن الحيض، فمنهم من قال إنه خمسون وهو مذهب الحنابلة، ومنهم من لم يحدده بذلك.
جاء في الروض مع حاشيته: ولا حيض بعد خمسين سنة أي فلا تجلس بل تصوم وتصلي، لقول عائشة رضي الله عنها: إذا بلغت المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض، ذكره أحمد. ولا فرق بين نساء العرب وغيرهن، يعني فمتى بلغت المرأة خمسين فليس بحيض فلا تجلسه، وعنه: لاحد لأكثره وفاقاً لأبي حنيفة، واختاره الشيخ وغيره، وصححه في الكافي، وصوبه في الإنصاف، وقال مالك والشافعي: ليس له حد، وإنما الرجوع فيه إلى العادات في البلدان. انتهى.
فتجلس عادة جلوسها في عادة حيضها، ولا تسمى آيسة حتى ينقطع لكبر أو تغير لقوله (واللائي يئسن) الآية وهو أحوط وعليه العمل. انتهى.
فإذا بان لك هذا فما تراه أمك من الدم يعد استحاضة في المشهور عند الحنابلة فليست له أحكام الحيض ولا يمنع صحة الصوم، بل تستنجي من هذا الدم وتتوضأ وتصلي وصومها صحيح، وأما على القول الثاني فحكم هذا الدم ينبني على مسألة أخرى وهي أقل مدة الحيض، فمذهب جمهور العلماء أن أقل مدة الحيض يوم وليلة، فعلى قولهم ما دامت هذه النقاط من الدم التي تراها أمك لا يبلغ مجموع وقتها يوماً وليلة فهذا دم فساد واستحاضة وحكمه ما تقدم، وعند المالكية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الحيض لا حد لأقله، وعلى قولهم فهذه القطرات من الدم تعد حيضاً فيبطل بها الصوم ويجب على أمك أن تغتسل بعد انقطاعها، وما دامت أمك قد أتمت صيام تلك الأيام فصومها صحيح عند الجمهور لما قدمنا، ولو قضت هذه الأيام احتياطاً وخروجاً من خلاف المالكية لكان حسناً، ولمعرفة متى يكون ما تراه المرأة من الدم حيضاً ومتى يكون استحاضة انظري الفتوى رقم: 118286، والفتوى رقم: 100680.
والله أعلم.