الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الذبح لا يلزم بالنذر، إلا إذا كان قربة، وذلك بأن يقيده الناذر بكونه صدقة، أو لتوزيع لحمه على الفقراء، ونحو ذلك بلفظ أو بنية، أما نذر الذبح مجردا عن ذلك، فإنه غير واجب الوفاء به.
وبهذا تعلم أنه إن كان أبوك قد قيد نذره بما يفيد القربة بلفظ أو نية، فالواجب على أبيك أن يفي بهذا النذر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه. أخرجه البخاري.
ولا تبرأ ذمته إلا بذبح ما نذر ذبحه، وقد كان ينبغي له أن يبادر بالوفاء بالنذر عند حصول ما علق عليه، فقد قال كثير من العلماء إن الوفاء بالنذر يجب على الفور، وانظر لمعرفة الخلاف في هذه المسألة الفتوى رقم: 118385.
أما وقد أخره هذه المدة، فالواجب عليه أن يفي به، فإن لم يكن مستطيعا الآن فهو في ذمته حتى يستطيع الوفاء به، وكونه لم يكن يصلي في تلك المدة لا يمنع من انعقاد نذره، وهذا كله إن كان أبوك قد تلفظ بلفظ مشعر بالالتزام ـ كأن قال: لله علي كذا، أو نذرت كذا، أو نحو ذلك.
وأما إن كان ذلك مجرد نية دون لفظ، أو كان تلفظ بلفظ لا يشعر بالتزام القربة، فلا يلزمه شيء، وانظر الفتويين رقم: 11044، ورقم: 103934.
وأما إن شك هل وقع منه النذر أو لا؟ أو شك هل الصيغة التي تلفظ بها مما ينعقد به النذر أو لا؟ فلا يلزمه شيء، لأن الأصل براءة الذمة وعدم اشتغالها بشيء، ولا يثبت في ذمته شيء إلا بيقين، واستصحاب الأصول قاعدة مقررة في الشرع، فيستصحب الأصل حتى يحصل اليقين بزواله، والأصل هنا هو براءة الذمة فيبقى مستصحبا، قال العز بن عبد السلام مبينا هذه القاعدة: ومنها: استصحاب الأصول، كمن لزمه طهارة أو صلاة أو زكاة أو حج أو عمرة أو دين لآدمي ثم شك في أداء ركن من أركانه أو شرط من شرائطه، فإنه يلزمه القيام به، لأن الأصل بقاؤه في عهدته، ولو شك هل لزمه شيء من ذلك أو لزمه دين في ذمته، أو عين في ذمته، أو شك في عتق أمته أو طلاق زوجته، أو شك في نذر أو شيء مما ذكرناه، فلا يلزمه شيء من ذلك، لأن الأصل براءة ذمته، فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم والأجساد من حقوقه وحقوق العباد إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 113956.
والله أعلم.