الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك ـ أولا ـ إلى أنه إذا كان مقتضى عقد الشراكة بينك وبين أخيك هو أن يكون لأخيك ربح الاستيراد ولك ربح بيع الجملة ونحوها، فلا تصح الشركة للغرر والجهالة في الربح وما يأخذه كل شريك، لعدم انضباطه، ولأن أحدهما قد لا يربح شيئا بينما يربح صاحبه كثيرا، وفي ذلك غرر ومقامرة، وعند فساد الشركة يقسم الربح وفق ما ذكرنا في الفتوى رقم: 113970.
وعلى فرض أن أخاك يجلب البضاعة وأنت تشتريها منه بما تتفقان عليه من سعر ثم تبيعها أنت للزبائن، فلا حرج في ذلك.
لكن تبقى مسألة انتحال الماركات العالمية الخاصة بشركة أو مصنع ما ووضعها على منتج آخر، فهذا يتضمن أمرين:
أولهما: ما فيه من غش المشترين والتدليس عليهم وما يتضمنه ذلك من أكل أموالهم بالباطل، لما روى أبو هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: مر على صبرة من طعام فأدخل يده فنالت أصابعه بللا، فقال: يا صاحب الطعام ما هذا؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس؟ ثم قال: من غشنا فليس منا. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقال صلى الله عليه وسلم ـ أيضا: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما. رواه البخاري ومسلم.
فالغش في البيع والتدليس على المشترين بوصف السلعة بما ليس فيها وتسميتها بغير اسمهما لإيهام المشتري بحقيقة غير موجودة لا يجوز.
ثانيهما: ما في ذلك العمل من اعتداء على العلامة التجارية للشركات الأخرى، والعلامة التجارية تعتبر حقاً لأصحابها لا يجوز انتحالها ولا الاعتداء عليها، كما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: الاسم التجاري والعنوان التجاري والعلامة التجارية: هي حقوق لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس بها, وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها. انتهى.
وبالتالي، فإن تم بيان الأمر للمشترين فيبقى انتحال الاسم والاعتداء على حق الشركة صاحبة الاسم ـ الماركة العالمية ـ وهو حق لا يجوز الاعتداء عليه ـ ولو كان لكافر ـ ما لم يأذن صاحب الحق فيه، وعلى هذا، فلا يجوز الاتجار فيما كان كذلك، لأن الاتجار فيه ـ والحال ما تقدم ـ اعتداء أومشاركة في الاعتداء ـ سواء علم الزبائن بحقيقة ذلك أم جهلوا، وسواء أجازت الدولة هذا العمل أو منعته ـ ما لم تجزه الشركات صاحبة هذا الحق، وللشركة صاحبة العلامة التجارية متابعة ومقاضاة من يقلدون شعارها إن لم تكن أذنت لهم في ذلك والمتعاونين معهم عليه.
وأما ما بقي لديك من البضاعة: فإما أن تزيل عنه الاسم المنتحل والعلامة المزورة وتبيعه، أو تستأذن من الشركة صاحبة الحق في بيعه.
وما سبق بيعه من ذلك يمكن تعويض الشركة عن الاعتداء على حقها أو طلب إبرائها منه، ولا يلزم إخبارها إن كان يترتب على ذلك ضرر أكبر، بل يكفي إيصال حقها إليها ولو جهل فيقدر ويحتاط في ذلك لتبرأ الذمة. فإن تعذر الإيصال صرف المبلغ في مصالح المسلمين العامة، ومنها توزيعه على الفقراء والمساكين ووضعها في مستلزمات إنشاء الطرق والمستشفيات وصيانة هذه المنشآت.
وأما ما قمتما به من حماية ماركات أو علامات تجارية لشركات أخرى: فلا اعتبار له، وتواطؤ الوزارة معكما على ذلك لا يعيطكما ملكيته والأحقية به، بل حكمه مثل ما ذكر سابقا ما لم يكن هنالك إذن من الجهة صاحبة الحق بذلك.
والله أعلم.