الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقول الله تعالى: ... وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ... {البقرة:184}، هو تيسير من الله تعالى على عباده وتدرج في فرض الصوم، والمعنى أن الذين يستطيعون الصوم إذا أفطروا فإن عليهم فدية، وكان هذا في أول الأمر حيث جعل الله تعالى الصيام على التخيير من شاء صام، ومن شاء أفطر وفدى، فمعنى الآية: وعلى الذين يطيقون الصيام إذا أفطروا فدية.. ثم نسخت هذه الآية في قول جمهور أهل العلم بقوله تعالى: ..فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.. ويدل على هذا المعنى ما رواه البخاري عن سلمة بن الأكوع: قال: لما نزلت: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ. كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها. انتهى.
قال السعدي في تفسير هذه الآية: هذا في أول الأمر وفي ابتداء فرض الصيام لما كانوا غير معتادين للصيام، وكان ابتداء فرضه حتما فيه مشقة عليهم، درجهم الرب الحكيم بأسهل ما يكون، وخير المطيق للصوم بين أن يصوم وهو الأفضل والأكمل، أو يطعم ويجزئه، ثم لما تمرنوا على الصيام، وكان ضرورياً على المطيقين فرضه عليهم حتماً. وقيل إن قوله: وعلى الذين يطيقونه.. أي: يتكلفون الصيام، ويشق عليهم مشقة لا تحتمل كالكبير والمريض والميئوس من برئه، فدية طعام مسكين عن كل يوم يفطره. انتهى.
والله أعلم.