الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر فإن للجدة ( أم الأب ) السدس فرضا لما ورد عن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه جَعَلَ لِلْجَدَّةِ السُّدُسَ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهَا أُمٌّ. رواه أبو داود.
والباقي للأب تعصيبا لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ. متفق عليه.
فتقسم التركة على ستة أسهم, للجدة سدسها, سهم واحد, وللأب الباقي خمسة أسهم, ولا شيء للجد والأخوين من الأب لأنهم محجوبون حجب حرمان بالأب .
وننبه إلى أن هذا الجواب الذي ذكرناه بناء على مذهب الحنابلة القائلين بتوريث الجدة ( أم الأب ) مع وجود ابنها , ( وعند المالكية والحنفية والشافعية وهو رواية في مذهب الحنابلة أنها تسقط بالأب واحتجوا بأنها تدلي به فلا ترث معه كالجد مع الأب وأم الأم مع الأم ) , وعلى قول الجمهور فإن التركة كلها هنا تكون للأب.
وقد استدل الحنابلة على أنها لا تسقط بابنها بما رواه الترمذي والبيهقي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ فِي الْجَدَّةِ مَعَ ابْنِهَا إِنَّهَا أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُدُسًا مَعَ ابْنِهَا وَابْنُهَا حَيٌّ .. اهـ.
وهذا الحديث ضعفه بعض أهل العلم. وقد قَالَ الترمذي بعد روايته له: هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ وَرَّثَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَدَّةَ مَعَ ابْنِهَا وَلَمْ يُوَرِّثْهَا بَعْضُهُمْ.
والقول بسقوطها لوجود من أدلت به ( وهو الأب ) فيه نظر إذ ليس هذا قاعدة مطلقة فولد الأم يرثون مع وجود الأم, والجدة لا ترث ميراث ابنها حتى يقال إنها تسقط به وإنما ترث مكان الأم عند عدم وجودها.
والقول بتوريثها في هذا الحالة هو الذي رجحه ابن تيمية.
والله أعلم.