الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب ـ أولا ـ قبل قسمة التركة على مستحقيها أن يقوموا بسداد الدين الذي على الميت، لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال، كما بيناه في الفتوى رقم: 6159
ثم بعد سداد الدين تقسم التركة بين الورثة, وبما أن الورثة فيهم حمل، فإن الأولى أن يؤخروا قسمة التركة حتى يولد الحمل ويتبين حاله، وقلنا أن هذا هو الأولى، لتكون القسمة مرة واحدة ومن باب الخروج من الخلاف، لأن من العلماء من يرى المنع من قسمة التركة إذا كان في الورثة حمل حتى يولد ـ كما هو المشهور من قول الشافعية والأرجح عند المالكية ـ وإن أصر الورثة على قسمة التركة أجيبوا إلى ذلك عند الحنابلة والحنفية والمعتمد عند الشافعية، ويوقف له الأحظ من ميراث ذكرين أو أنثيين عند الحنابلة ويعامل بقية الورثة بالأضر فلا يعطون إلا اليقين.
والأحظ هنا للحمل أن يوقف ميراث أنثيين, فتقسم التركة على أربعمائة واثنين وثلاثين سهما, للأب منها أربعة وستون سهما, وللأم منها أربعة وستون سهما, وللزوجة منها ثمانية وأربعون, وتوقف مائتان وستة وخمسون سهما, فإن تبين أن الحمل أنثيين أو أكثر أخذن الموقوف بينهن بالسوية.
وإن تبين أن الحمل ذكر أو ذكران أو ذكر وأنثى أخذ مائتين وأربعة وثلاثين سهما, وأضيف للأم ثمانية أسهم وللأب ثمانية أسهم, وللزوجة ستة أسهم, وإن تبين أنه أنثى أخذ مائتين وستة عشر سهما, وأضيف للأم فوق ما سبق لها ثمانية أسهم, وللأب ستة وعشرون سهما, وللزوجة ستة أسهم، وإذا نفش الحمل أو ولد ميتا، فإن الأب يضاف له مائة وثمانية وثمانون، وللزوجة ستون, وفي كل الأحوال لا شيء للشقيقين والشقيقة، لأنهم لا يرثون مع وجود الأب.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذاً ـ قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.