الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تحية المسجد سنَّة مؤكدة في حق من دخل المسجد متوضئاً مريداً للجلوس، لما روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا دخل أحدكم المسجد، فليركع ركعتين قبل أن يجلس، وفي رواية أخرى: فلا يجلس حتى يركع ركعتين، وهذا ما لم يكن الوقت وقت نهي، فإذا وافق دخوله المسجد وقت نهي، وهي ثلاثة أوقات: من بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وترتفع قدر رمح، وحين يقوم قائم الظهيرة إلى أن تزول الشمس، ومن بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس- فقيل: لا يجوز أن تصلي، وبه قال الحنفية والمالكية والحنابلة تقديمًا لعموم الحاظر على عموم المبيح، وذهب الشافعية إلى أنه يصليها، لأنها صلاة ذات سبب، وهذا القول الأخير هو الذي نرى رجحانه، وتشرع صلاتها والإمام يخطب يوم الجمعة، لحديث جابر -رضي الله- عنه قال: دخل رجل يوم الجمعة والنبي -صلى الله وسلم- يخطب، فقال: "أصليت ركعتين؟" قال: لا، قال: "قم فصل ركعتين رواه البخاري.
وتتأدى تحية المسجد بصلاة فرض أو نفل آخر، لأن المقصود هو شغل البقعة بالصلاة، وقد حصل، ولا تسقط التحية بالجلوس، بل يجوز له القيام لصلاتها، وإن طال الوقت عند الجمهور لحديث جابر السابق، سواء كان جلوسه بعذر أو بدون عذر، كأن يكون المكان مزدحماً ثم يخف الزحام، أو دخل في وقت كراهة فيجلس حتى يزول، إذا قلنا بكراهة التحية في أوقات النهي.
وبناء على ما سبق، فإنه يجوز لك الجلوس إذا تعذَّر عليك أن تصلي التحية، فإن تمكنت من صلاتها قبل إقامة الجمعة فصلها، وإن لم تتمكن، فلا شيء عليك.
والله أعلم.