الظاهر أن الطلاق لا يقع بمثل هذا

16-8-2010 | إسلام ويب

السؤال:
ذات يوم حصل نقاش حاد بيني وبين زوجتي. فقالت لي: أنت منذ أن التزمت، وسلوكك ومعاملتك وشكلك قد تغير، لا أتقبلك (أو لا أستطيع تقبلك)، وفي الجماع أغمض عيني كي لا أرى شكلك.
فرددت عليها: تصرفاتك معي تُظهر عكس هذا الكلام، أرى من خلالها الحب ومحاولة إشباع رغبتي في الجماع.
فردت قائلة: واجب علي وأنا أؤدي هذا الواجب فقط (كي لا أأثم).
واستمر الحديث ومن خلاله تبينت - واللَّـه أعلم - بأن حالي لم يعد يعجبها، منها قولها: (عفوا بس أنت كل شيء صار عندك محرم)، ولما سألتها عن الأشياء التي قلت عنها أنها محرمة - علما بأنني يا شيخ أخاف كثيرا في مسائل التحليل والتحريم، وكذلك الفتوى دون علم، وحصل وأن نبهتها حول استخدام كلمة (حرام) في كلامها - سكتت ثم قالت: (حرمتنا من التلفاز). فقط منذ أسبوعين تقريبا يا شيخ تعطل، وأما قبل ذلك فكنا نجلس بعد الغداء ونشاهد البرامج المفيدة، ولما أكون في العمل صباحا لا أعلم ماذا تشاهد، فقنوات العرب سات والنايل سات موجودة لم أغلق منها شيئا، يعني موجود بالخير الذي فيها والشر الذي فيها.
واستمر النقاش إلى أن قلت لها: إذا كان التزامي لا يعجبك، فمن هذه الدقيقة بل من هذه الثانية تفضلي (وأشرت بيدي) بمعنى تفضلي بالخروج، وتساءلت في نفسي عن قصدي من قولي هذا فقلت في نفسي (طلاق)، ثم انصرفت وجلست أفكر في قولي الذي قلته، هل هو طلاق معلق، وهل وقع أم لا؟ قد يكون التزامي لا يعجبها ولكنها ما صرحت بذلك تصريحا، فيكون الطلاق قد وقع وأنا لا أعلم، فقلت سأجلس معها وأستوضح الأمر، فلما جلست وتبادلت الحديث بهدوء معها قالت: بأنني لست الشخص الذي تزوجته، وأنني تغيرت، وأن إطالتي للحيتي كان صدمة بالنسبة لها، فسألتها هل هي صدمة إيجابية أم سلبية؟ فقالت: في البداية كانت سلبية، ثم تقبلت فيما بعد (أو سأحاول تقبل الموضوع)، فوضحت لها بأن هذا لا يجوز فهذه سنة رسول اللَّـه صلى اللَّـه عليه وسلم، وإذا كنت تعيبين علي لأنني أطلت لحيتي ، فكأنما تعبين على رسول اللَّـه صلى اللَّـه عليه وسلم والعياذ باللَّـه، وأن المفترض أن تستبشري وتفرحي بدل أن تنصدمي، وأن تحمدي اللَّـه على أن لك زوجا يخاف اللَّـه، فهناك أزواج يدخلون على بيوتهم سكارى، وآخرين يسبون الرب والرسول صلى اللَّـه عليه وسلم، ويستهينون بالصلاة - عياذا باللَّـه من كل ذلك - حسب ما أقرأ في موقعكم، ومن الكلام الذي قالته: بأن هناك مشايخ لا يطيون لحاهم وأنها لما تزوجتني كنت ملتزما ولم أكن مضيعا (الصلاة)، فماذا جرى لي الآن؟ وكأنها تقصد لماذا اللحية وتقصير الثوب ... إلخ من الأمور التي لم أكن أفعلها، والمحرمات التي لم أكن أتركها من سماع الغناء والذهاب إلى السينما ومشاهدة الأفلام والمسلسلات ... إلخ، فقلت لها: كنت ملتزما في أمور ومفرطا في أمور أخرى، والآن التزمت أكثر وأريد أن أمشي في الطريق الصحيح، قالت: الكلام يأتيني أنا (أي أن الناس يتكلمون عني أني التزمت وعن لحيتي عندها وأن ذلك يزعجها)، فقلت لها: أي شخص يتكلم في، قولي له هذا هو زوجي عندكم وكلموه وأتركيني أواجهم بنفسي وسأرد عليهم. ثم انصرفت إلى الغرفة بعد أن قلت لها: انصدمت لما سمعت ما قلت عن لحيتي بأنها سببت لك صدمة سلبية. فجاءتني تقول: أنا لست معترضة على أنك التزمت (أو قالت ليس هناك امرأة تمانع على أن يلتزم زوجها)، ولكن أنا أتكلم أو أقصد الأمور التي حصلت بعد الالتزام، والالتزام ليس لحية فقط، وذكرت من الأمور الاجتماعية أني تخليت عن صديقي الحميم، وأن إخوتي صاروا يخافون من التحدث معي، وأن أختي لما سافرت للعمرة بعثت برسالة إلى زوجتي تودعها ولم تودعني، وأنه لما يجلس الأهل أقوم وأترك المجلس، فقلت: بالفعل تركت صديقي خشية أن يؤثر على ديني، وأختي أنا أحبها والآن سأبعث لها برسالة أدعو لها بقبول العمرة فلا تحاولي أن توقعي بيني وبين أختي، والأهل لما أسمعهم يغتابون أترك المجلس.
هل وقع الطلاق أم لا ؟ وهل من نصيحة لي ولزوجتي، أرجو سرعة الرد؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
 

 فهذا اللفظ الذي ذكره السائل من كنايات الطلاق، وهي الألفاظ التي لم توضع للطلاق أصلا فهي تحتمل الطلاق وغيره. وهذا النوع من ألفاظ الطلاق لا يقع إلا إذا قصد به صاحبه الطلاق، بنية مقارنة للفظ لا بعده. والذي يظهر لنا من السؤال أن السائل لم يعزم الطلاق حال تلفظه بهذه الكلمة وإشارته بيده. وإنما طرأ عليه التفكير في ما تحتمله من معاني بعد أن تلفظ بها. فإن كان كذلك فلا يقع الطلاق ولا شيء عليه إن شاء الله. ثم إنه في حال الشك في النية عند التلفظ بكنايات الطلاق فقد نص العلماء على أن الشك في الطلاق لا يزيل العصمة المتيقنة، وراجع تفصيل ذلك في الفتويين: 6146، 23009 .

وأما في ما يخص زوجتك، فمن الظاهر أنها تحتاج للترفق في النصيحة والتوجيه، حيث إن هذا التغير الذي طرأ عليك وإن كان للأفضل بلا شك، إلا إنها لم تألفه ولم يكن هو حالك الذي تزوجتك وأنت عليه، فارفق بها وخذ بيدها إلى الالتزام بالحكمة والموعظة الحسنة، وتذكر قول الله تعالى: كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا. {النساء: 94}.

 وراجع لمزيد الفائدة ما ذكرناه من النصائح في الفتوى رقم: 47044. وفي ما يخص عدم تقبل زوجتك لمسألة اللحية راجع الفتويين: 3077 ، 25694.

والله أعلم.

www.islamweb.net