الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجهر بقراءة القرآن في المسجد إن كان لا يترتب عليه تشويش على أحد ـ كأن يكون المسجد خاليا ـ ولم يكن بصوت جماعي ولم يتخذ عادة، فإنه لا حرج فيه، وأما إذا ترتب عليه تشويش، فإنه منهي عنه، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: لَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ. رواه مالك وأحمد.
وفي رواية أبي داود: فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ ـ أَوْ قَالَ فِي الصَّلَاةِ.
وكذلك إذا كان بصوت جماعي، فإنه أمر محدث. جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: أما رفع الصوت بالدعاء وقراءة القرآن بصفة جماعية: فهذا لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته، وفعله بدعة. اهـ
وقد نص فقهاء المالكية على أن القارئ إذا جهر بالقراءة في المسجد واتخذ ذلك عادة، فإنه يؤمر بالقيام، جاء في منح الجليل: وَأُقِيمَ ـ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ـ أَيْ أُمِرَ بِالْقِيَامِ ـ الْقَارِئُ جَهْرًا بِرَفْعِ صَوْتِهِ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ قَصَدَ دَوَامَهَا. هـ.
ولكن من فعل ذلك جاهلا بالحكم الشرعي فنرجو أن يعذر بجهله، ونرجو أن لا إثم عليه. وهناك فرق بين الحكم على الفعل بأنه بدعة، وبين الحكم على الفاعل بأنه مبتدع. فليس كل من فعل بدعة يسمى مبتدعا.
وانظر الفتوى رقم: 7673، عن قراءة القرآن جماعة بصوت واحد، والفتوى رقم: 8381، عن الذكر الجماعي وأقوال العلماء بشأنه.
والله أعلم.