الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 118814 أن الراجح أن النية لا تشترط لطواف الإفاضة، وبينا في الفتوى رقم: 122743 جواز الجمع بين طواف الإفاضة والوداع في طواف واحد.
وأما عن مسألتك فإن كان شكك في طهارتك قد حدث بعد فراغك من الطواف فلا يلتفت إليه لأن الشك في العبادة بعد الفراغ منها لا يبطلها كما في الفتوى رقم: 120064، وكذا إذا كنت تشكين في أن وضوءك قد انتقض فلا يلزمك شيء وطوافك صحيح لأن طهارتك متيقنة واليقين لا يزول بالشك.
وأما إذا كنت متيقنة أنك طفت غير متطهرة، أو كنت متيقنة للحدث وتشكين هل توضأت أو لا؟ فإن طوافك غير صحيح عند الجمهور، وهم الذين يرون الطهارة شرطا لصحة الطواف، وفي المسألة قولان آخران بيناهما في الفتوى رقم: 130261، وفيها بينا أن الراجح عندنا هو قول الجمهور، وعلى تقدير كون طوافك وقع غير صحيح فعليك أن تعيدي هذا الطواف.
وعليه فإنك لم تزالي محرمة بالحج لأنك لم تتحللي منه التحلل الثاني، فليس لك أن تحرمي بعمرة ما دمت متلبسة بإحرام الحج، بل إنك إن أحرمت بعمرة وقع طوافك لها عن طوافك للحج كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 136307. ويمكنك إذا ذهبت إلى مكة وأعدت طواف الإفاضة أن تخرجي بعد ذلك إلى الحل كالتنعيم فتحرمي بعمرة إن شئت، وقد أوضحنا جواز العمرة من التنعيم للمكي والمقيم بمكة في الفتوى رقم: 112419.
وأما طوافك بنية الإفاضة والوداع فلا معنى له لأن طواف الوداع قد فات بخروجك من مكة فلا يمكن تداركه، فعليك إذن على فرض عدم صحة طوافك أن تطوفي بنية طواف الإفاضة، وعليك دم يذبح ويوزع على فقراء الحرم لتركك طواف الوداع، فإن الراجح عند كثير من العلماء هو أن طواف الوداع واجب على كل من أراد الخروج من مكة سواء كان فرغ من أعمال الحج أو لا.
قال البهوتي في كشاف القناع: ( وهو-أي طواف الوداع- على كل خارج من مكة ) قال القاضي والأصحاب إنما يستحق عليه عند العزم على الخروج، واحتج به الشيخ تقي الدين على أنه ليس من الحج. انتهى.
والله أعلم.