الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعوض إذا بذل من المتسابقين أنفسهم فهذا هو الرهان، وجمهور الفقهاء على أن هذا غير جائز وهو من القمار المحرم؛ لأن كل واحد منهم لا يخلو من غنم أو غرم. فإن أدخلوا بينهم محللا (وهو دخيل عليهم لم يبذل شيئا من العوض) جاز عند الجمهور، لأن هذا المحلل لا يدور حاله بين الغرم والغرم. وانظر الفتوى رقم: 35555.
وذهب ابن القيم ـ رحمه الله ـ إلى جواز الرهان بغير محلل، ونقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية؛ وانتصر لهذا القول وأطال النفس في ذلك؛ لعدم صحة الحديث الوارد في اشتراط المحلل. ولأن هذا أقرب إلى تحقيق مقاصد الشريعة في حصول الرهان.
قال ابن القيم: القول بالمحلل مذهب تلقاه الناس عن سعيد بن المسيب، وأما الصحابة فلا يحفظ عن أحد منهم قط أنه اشترط المحلل ولا راهن به، مع كثرة تناضلهم ورهانهم، بل المحفوظ عنهم خلافه .. اهـ.
والقول بعدم اشتراط المحلل وإن كان قويا، إلا إن قول الجمهور له وجاهته وهو أحوط، كما سبق الإشارة إليه في الفتوى رقم: 3381 . وعليه فينبغي للأخ السائل أن يسعى لإدخال محلل في رهانهم؛ احتياطا وخروجا من الخلاف.
هذا، وينبغي التنبه إلى أن جواز الرهان على الرماية بالأسلحة المعاصرة إنما يجوز لكونها في معنى النصل، وقد توسع الشافعية في جواز المسابقة على عوض فألحقوا بالسهام: المزاريق والرماح والرمي بالأحجار بمقلاع أو يد والرمي بالمنجنيق، وكل نافع في الحرب.
والله أعلم.