الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
وأما المراد الشرعي فلا يكون إلا مما يحبه الله، وقد يقع وقد لا يقع، وهذه هي التي يكلف المؤمن بموافقتها واتباعها، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 130717، 135629، 135313.
وإذا تبين هذا، عرف أن ما أخبرنا الله به في قوله تعالى: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ. {الشورى: 7}. وقوله سبحانه: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ. {هود: 105}. وقوله عز وجل: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * {هود:118، 119}. ونحو ذلك، أن هذا كله مراد كونا وقدرا، لا دينا وشرعا.
وأما مراده سبحانه وتعالى الشرعي ففي نحو قوله تعالى: وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ. {الزمر: 7}. وقوله: يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا. {النساء: 27،28}.
وعلى ذلك، فتمني المؤمن لإيمان الناس كلهم جميعا، وأن يكونوا من أهل الجنة، موافق لمراد الله الشرعي الديني، وهو مما يدل على حبه لله ولدينه.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على ذلك، متمنيا له، ساعيا إليه، حتى إن الله تعالى خاطبه فقال: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ. {يونس: 99}. وقد نقل القرطبي وابن الجوزي في تفسير هذه الآية عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على إيمان جميع الناس. اهـ.
والله أعلم.