الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء إن ما تعانيه السائلة وأخواتها من حرمانهن من أخذ حقهن من الميراث تعانيه كثير غيرهن من أخواتهن المسلمات في مجتمعات عشش فيها الظلم وعادات أهل الجاهلية الذين كانوا يحرمون الأنثى من الميراث حتى نزل قول الله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا { النساء : 7}
والواجب على إمها وإخوانها أن يتقوا الله تعالى فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، والله تعالى قال: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ { سورة البقرة : 188 }
وإذا لم يعطوا البنات حقهن وافرا فسيأخذنه يوم القيامة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... رواه مسلم.
ولتطلع الأخت السائلة إخوانها وأمها على هذه الفتوى عسى أن يتوبوا إلى الله تعالى ويدركوا خطورة فعلهم، والأم مشاركة في الإثم لكونها هي الموكلة على التركة.
والقسمة الشرعية لتركة والدكم إذا توفي عمن ذكر ولم يترك وارثا غيرهم أن يكون للزوجة الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ { النساء : 12 }
والباقي للأبناء والبنات تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ { النساء : 11 }
فتقسم التركة على مائة وعشرين سهما, للزوجة ثمنها , خمسة عشر سهما , ولكل ابن أربعة عشر سهما , ولكل بنت سبعة أسهم, وأما الأسئلة التي أوردتها السائلة فنقول جوابا عنها .
أولا : تعطى البنات من قيمة البيت بالثمن الحالي وليس من الثمن القديم؛ لأن البيت ما زال ملكا للورثة جميعا بمن فيهم البنات، ومن الظلم أن يأخذ البنات بالثمن القديم ويأخذ الأبناء بالثمن الحالي. ولكن إذا ثمن البيت بقيمة في وقت ما وباع البنات نصيبهن في ذلك الوقت على تلك القيمة فليس لهن إلا تلك القيمة، فلو زادت قيمة البيت بعد ذلك لم يأخذن زيادة لأن البيع تم.
ثانيا: الأم والإخوة مشاركون في الإثم، إذ كان واجبا على الأم أن تعطي البنات نصيبهن من الإيجار، وإذا لم تفعل كان واجبا على الأبناء أن يقوموا بذلك لا أن يغمضوا العين عن خطإ أمهم .
الثالث: بيت العائلة الذي تركه الوالد يعتبر من جملة التركة وللبنات حق فيه، فيحق للبنات المطالبة ببيع بيت العائلة لأخذ حقهن منه إذا كان يتعذر قسمته عمليا بين الورثة. وانظري الفتوى رقم: 104153،عن قسمة الأملاك .
رابعا : للبنات الحق في المطالبة بحقهن من البيوت التي يسكنها الأبناء حتى في السنوات الماضية، فيقوم إيجار تلك البيوت ويعطى البنات حقهن من الإيجار، وكون الأبناء يسكنون فيها هذا ليس مبررا لحرمان البنات من حقهن؛ لأن تلك البيوت صارت ملكا للورثة بمن فيهم البنات، فمن سكن فيها كان لبقية الشركاء الحق في أخذ مقابل تلك المنفعة كل على حسب سهامه .
خامسا : للبنات الحق في المطالبة بنصيبهن من أجرة العقارات في السنوات الماضية، ولا حرج على البنات في رفع الأمر إلى القضاء الشرعي إذا تعنت الأبناء في إعطائهن نصيبهن، وليس هذا عقوقا ولا قطيعة رحم، والله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، فمن الناس من لا يستجيب لداعي الإيمان، ولكن ينصاع لسوط السلطان.
وأخيرا انظري الفتوى رقم: 66593 ، حول طرق تقسيم الميراث وكذا الفتوى رقم: 114454 .
مع التنبيه إلى أن ظلم الأم لبناتها لا يسوغ لهن عدم برها ولا التساهل في احترامها.
والله أعلم.