الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة, ثم يحضرهما الموت, فيضاران في الوصية فتجب لهما النار، ثم قرأ أبو هريرة رضي الله عنه: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ [النساء:12]. إلى قوله تعالى: ذلك الفوز العظيم . رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب.
ورواه الإمام أحمد وابن ماجه بلفظ: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار. وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة، ثم قال: واقرءوا إن شئتم: تلك حدود الله.... إلى قوله: عذاب مهين.
والحديث ضعفه الألباني من أجل شهر بن حوشب . وتابعه الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن ابي داود .
وشهر بن حوشب قد تكلم فيه غير واحد من الأئمة، ووثقه أحمد بن حنبل و يحيى بن معين كما قال المنذري.
وأما تفسيره فقد قال فيه المباركفوري: (إن الرجل ليعمل ) أي ليعبد ( والمرأة ) بالنصب عطفا على اسم إن وخبر المعطوف محذوف بدلالة خبر المعطوف عليه ويجوز الرفع وخبره كذلك وقد تنازع في قوله ( بطاعة الله ) المحذوف والمذكور ( ستين سنة ) أي مثلا أو المراد منه التكثير ( ثم يحضرهم الموت ) وفي رواية يحضرهما بضمير التثنية وهو الظاهر أي علامته ( فيضاران في الوصية ) من المضارة أي يوصلان الضرر إلى الوارث بسبب الوصية للأجنبي بأكثر من الثلث أو بأن يهب جميع ماله لواحد من الورثة كيلا يورث وارث آخر من ماله شيئا فهذا مكروه وفرار عن حكم الله تعالى.
وقال بعضهم: كأن يوصي لغير أهل الوصية أو يوصي بعدم إمضاء ما أوصى به حقا بأن ندم من وصيته أو ينقض بعض الوصية ( فيجب لهما النار ) أي فتثبت والمعنى يستحقان العقوبة ولكنهما تحت المشيئة. اهـ
والله أعلم.