الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننصح الأخ الكريم بالتفاهم مع إخوته ومع أهله، وليعلم أن هذه التفاصيل التي أوردها لا تأثير لأكثرها في الموضوع المسؤول عنه.
وعلى أية حال، فإنه لا يجب عليه طاعة والديه في تطليق زوجته، طالما أن الأمر على الحال التي وصفها.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل متزوج ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها هل يجوز له طلاقها؟ فأجاب: لا يحل له أن يطلقها لقول أمه بل عليه أن يبر أمه وليس تطليق زوجته من بر أمه. انتهى.
فليقنع أبويه بما قرره من الصبر على زوجته وتعليمها أمور الدين وتعويدها على الطباع الحسنة، ونحو ذلك.
وفي خصوص موضوع الشقة، فلا يجوز للأب أن يفاضل بين أولاده في العطية على الصحيح من قولي العلماء ما لم يكن لذلك مسوغ.
قال ابن قدامة في المغني: (فإن خص بعضهم بعطية أو فاضل بينهم أثم، ووجبت عليه التوبة بأحد أمرين، إما برد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر).
قال: (ولنا ما روى النعمان بن بشير قال: تصدق علي أبي ببعض ماله، فقال أمي عمرة بن رواحة: لا أرضى حتى تشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقته فقال: أكل ولدك أعطيت مثله؟ قال: لا. قال: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. قال: فرجع أبي، فرد تلك الصدقة". وفي لفظ قال: فاردده" وفي لفظ قال: "فأرجعه" وفي لفظ " لا تشهدني على جور" وفي لفظ " فأشهد على هذا غيري" وفي لفظ "سو بينهم" وهو حديث صحيح، متفق عليه، وهو دليل على التحريم لأنه سماه جوراً، وأمر برده وامتنع من الشهادة عليه، والجور حرام، والأمر يقتضي الوجوب، ولأن تفضيل بعضهم يورث بينهم العداوة والبغضاء وقطيعة الرحم، فمنع منه) انتهى من المغني.
وراجع لمزيد الفائدة وللمسوغات التي تبيح للأب التفضيل لبعض أبنائه فتوانا رقم: 6242.
فإذا تقرر جميع ما ذكر علمت أنه ليس من حقك الاستفادة دون إخوتك من زائد أجرة الشقة ولو أذن في ذلك أبوك؛ لأنه إيثار لك عليهم دون مسوغ.
وهذا على تقدير أن الشقق باقية على ملك الوالد، وأنكم إنما تنتفعون بالسكن فيها في حياة الأب، وأنه لا يوجد مسوغ لإيثارك على إخوتك.
وأما إذا كانت الشقق مملوكة لمن أعطيت لهم، وقد تراضى الإخوة على ذلك، أو كان ثمت مسوغ للتفضيل، فإنه يكون من حقك أن تفعل بشقتك ما تريد؛ لأنك قد ملكتها، ولك أن تؤجرها وتستفيد من أجرتها أو من فارق الأجرة بينها وبين الشقة التي تسكنها.
والله أعلم.