الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد رغب الإسلام في الإحسان إلى الجار ولو جار، وجعل أذيته من كبائر الذنوب، وقد سبق لنا بيان ذلك، وبيان كيفية التعامل مع الجار العاصي والمسيء للجوار، في الفتاوى التالية أرقامها: 10851، 14785 ، 15277 ، 60282 ، 71781 ، 10851 .
وأما بالنسبة لجواب السؤال، فالانتفاع بالطريق المشترك وعدم إضرار الغير بكيفية هذا الانتفاع ـ حق مكفول لكل من له حق المرور فيه.
جاء في (الموسوعة الفقهية) أن الانتفاع بالطريق يكون بما لا يضر الآخرين باتفاق الفقهاء، ومنفعتها الأصلية: المرور فيها، لأنها وضعت لذلك، فيباح لهم الانتفاع بما وضع له ـ وهو المرور ـ بلا خلاف، وكذلك يباح الانتفاع بغير المرور مما لا يضر المارة. اهـ.
وفيها أيضا: الطريق غير النافذ ملك لأهله .. وأهله من لهم حق المرور فيه إلى ملكهم من دار أو بئر أو فرن أو حانوت، لا من لاصق جداره الدرب من غير نفوذ باب فيه؛ لأن هؤلاء هم المستحقون للارتفاق فيه. ويستحق كل واحد من أهل الطريق غير النافذ الارتفاق بما بين رأس الدرب وباب داره؛ لأن ذلك هو محل تردده ومروره ، وما عداه هو فيه كالأجنبي من الطريق. اهـ.
وهذا معناه أن السائل له الحق في الانتفاع بكامل الطريق؛ لأن داره في آخرها، وأما صاحب الدار التي قبله فإلى باب داره فقط، وهكذا .. وعلى ذلك فليس لمن قبله أن يحول بينه وبين المرور فيه، وحق المرور ليس قاصرا على النفس بل يشمل الدواب، فقد نص بعض الفقهاء على مرور الدواب أيضا، قال ابن نجيم في (البحر الرائق): لكل منهم المرور بنفسه وبدوابه. اهـ.
والخلاصة أن لصاحب آخر دار في الطريق غير النافذة المرور في كامل الطريق بنفسه ودابته (سيارته). وكذلك له حق توقيفها أمام داره، لأن ذلك لا يضر أحدا من أهل الطريق. وأما صاحب الدار التي قبله فله حق المرور من رأس الطريق إلى باب داره، وأما توقيف سيارته أمام داره فيشترط لجوازه أن لا يضيق على من له حق المرور في الطريق، وهو صاحب الدار التي بعده.
هذا ونوصي السائل الكريم بالصبر والرفق في مطالبته بحقه، وأن لا ييأس من السعي للتفاهم مع جاره ومصالحته على ما يرفق بهما جميعا.
والله أعلم.