الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمالكية قد وافقهم في إيجاب الكفارة بكل مفطر جماعة من العلماء، ومذهب أبي حنيفة قريب منه فإنه يوجب الكفارة إلا في مواضع كما لو أكل ما لا يغتذى به، قال النووي في شرح المهذب بعد ذكر من وافق الشافعية في القول بعدم لزوم الكفارة في الفطر بغير الجماع: وقال أبو حنيفة: ما لا يتغذى به في العادة كالعجين وبلع حصاة ونواة ولؤلؤة يوجب القضاء ولا كفارة، وكذا إن باشر دون الفرج فأنزل أو استمنى فلا كفارة، وقال الزهري والأوزاعي والثوري وإسحق: تجب الكفارة العظمى من غير تفصيل، وحكاه ابن المنذر أيضا عن عطاء والحسن وأبي ثور ومالك، والمشهور عن مالك أنه يوجب الكفارة العظمى في كل فطر لمعصية كما حكاه ابن المنذر، وحكي عنه خلافه. انتهى.
وحجة الموجبين للكفارة في الفطر بغير الجماع الإطلاق الواقع في بعض الروايات من أن رجلا أفطر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة، وقد بين الشوكاني في شرح المنتقى مأخذ الفريقين فقال رحمه الله: في رواية أن رجلا أفطر في رمضان. وبهذا استدلت المالكية على وجوب الكفارة على من أفطر في رمضان بجماع أو غيره والجمهور حملوا المطلق على المقيد وقالوا لا كفارة إلا في الجماع. انتهى.
والله أعلم.