الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالخلاف منتشر والأقوال كثيرة في ما يتعلق بالمسافة المبيحة للقصر في السفر، وكذا المدة التي يترخص المسافر برخص السفر إذا أقامها ويمنع من الترخص إذا زاد عليها، والذي نراه هو الأخذ بقول الجمهور، وهو أن من سافر دون مسيرة أربعة برد وهي ما يساوي ثلاثة وثمانين كيلومترا تقريبا من آخر البنيان في البلد الذي يسافر منه إلى أول البنيان في البدل الذي يسافر إليه لم يترخص برخص السفر. وهذا القول هو الأحوط والأبرأ للذمة.
ومن نوى أن يقيم في بلد أربعة أيام فصاعدا لم يترخص برخص السفر كذلك لأن له حكم المقيم. وانظر للفائدة حول هذه المسألة الفتوى رقم: 115280.
وإنما قلنا إن هذا القول أبرأ للذمة لأن القصر في السفر سنة في قول الجماهير والإتمام جائز، فمن أتم ولم يترخص فصلاته صحيحة والفرض ساقط عنه بكل حال، ومن قصر فهو على خطر عدم صحة صلاته إذا لم يتوفر شرط إباحة القصر.
وعلى كل فمن كان من أهل النظر في الأدلة وترجح له قول من الأقوال المنتشرة في هذه المسألة أو قلد ثقة يفتي بأحد هذه الأقوال فلا حرج عليه في الأخذ بهذا القول، لأن المسألة من مسائل الاجتهاد.
وإذا علمت ما مر، فإذا كانت المسافة بين طرفي البلدتين التي تخرج منها والتي تذهب إليها دون الأربعة برد فالقصر ونحوه من رخص السفر غير جائز لك عند الجمهور، ولا تحسب المسافة من الحي الذي أنت فيه وإنما تحسب من طرف البلدة، وأما إذا كانت المسافة بينهما فوق الأربعة البرد فلك الترخص بالقصر ونحوه إلا أن تنوي إقامة أربعة أيام فأكثر فلا تترخص إذن، وأما صاحبك هذا فإذا كان يأخذ بقول يقلد فيه عالما ثقة فلا حرج عليه إن شاء الله.
والله أعلم.