الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزادك الله حرصا على الخير ورغبة فيه، واعلم أن تعجيل الفطر والمبادرة به عند تحقق غروب الشمس سنة وليس بواجب، فلو أخرت الفطر لهذه المدة المذكورة لم يكن عليك حرج إن شاء الله.
قال الشافعي في الأم: تعجيل الفطر مستحب.
وقال ابن حزم في المحلى: ومن السنة تعجيل الفطر وتأخير السحور. انتهى.
وإن كان في وسعك أن تجمع بين المصلحتين فتعجل الفطر على رطبات أو تمرات أو حسوات من ماء اقتداءا بالنبي صلى الله عليه وسلم مع الحفاظ على الصف الأول فهو أولى، وإن خفت على نفسك الرياء فتحين غفلة الناس وأفطر على ما ذكر بحيث لا يراك منهم أحد، فإن تعذر هذا فلا نرى لك أن تترك السنة خوفا من الرياء، بل عجل الفطر واجتهد في تحقيق الإخلاص، واعلم أن اطلاع الناس على صومك لا يضرك إن شاء الله متى اجتهدت في تحقيق الإخلاص ولم تبال بنظر الناس لك، بل ربما يكون لك في ذلك مزيد أجر إذا اقتدى بك مقتد في هذا الخير.
قال الإمام النووي رحمه الله في كتاب الأذكار وهو يتحدث عن مراتب الذكر قال: لا ينبغي أن يترك الذكر باللسان مع القلب خوفا من أن يظن به الرياء، بل يذكر بها جميعا ويقصد وجه الله تعالى، ولو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس، والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة لانسد عليه أكثر أبواب الخير، وضيع على نفسه شيئا عظيما من مهمات الدين، وليس هذا طريق العارفين. انتهى.
وقد قال الفضيل رحمه الله: ترك العمل لأجل الناس رياء والعمل لأجل الناس شرك والإخلاص أن يعافيك الله منهما.
نسأل الله أن يوفقنا وإياك لما فيه رضاه.
والله أعلم.