الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقراءة القرآن في كل وقت فعل حسن مندوب إليه، ومن ذلك قراءة القرآن بين الأذان والإقامة، ولكن لا يجوز للقارئ أن يرفع صوته بحيث يؤذي من بالمسجد من مصل أو قارئ أو ذاكر لله تعالى، فإذا كانت القراءة المذكورة تؤدي إلى أذية المسلمين فإنه ينهى عنها وعلى القارئ أن يخفض صوته في القراءة بحيث تنتفي هذه الأذية.
قال ابن رجب في فتح الباري: وما لا حاجة إلى الجهر فيه، فإن كان فيه أذى لغيره ممن يشتغل بالطاعات كمن يصلي لنفسه ويجهر بقراءته ، حتى يغلط من يقرأ إلى جانبه أن يصلي ، فإنه منهي عنه.
وقد خرج النبي ( ليلة على أصحابه وهم يصلون في المسجد ويجهرون بالقراءة ، فقال : ( ( كلكم يناجي ربه ، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن .
وفي رواية : ( ( فلا يؤذ بعضكم بعضا ، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة .
خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي سعيد.انتهى.
وفي تنوير الحوالك للسيوطي: ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. قال الباجي: لأن في ذلك أذى ومنعا من الإقبال على الصلاة وتفريغ السر لها وتأمل ما يناجي به ربه من القرآن، قال وإذا كان رفع الصوت بقراءة القرآن ممنوعا حينئذ لأذى المصلين فبغيره من الحديث وغيره أولى.
قال ابن عبد البر: وإذا نهي المسلم عن أذى المسلم في عمل البر وتلاوة القرآن فأذاه في غير ذلك أشد تحريما، وقد ورد مثل هذا الحديث من رواية أبي سعيد الخدري وأخرج أبو داود عن أبي سعيد قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه و سلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم يناجي ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة. أو قال في الصلاة. قال ابن عبد البر: حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان قال وقد روي بسند ضعيف عن علي قال نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يرفع الرجل صوته بالقرآن قبل العشاء وبعدها يغلط أصحابه وهم يصلون قلت وكثيرا ما يسأل في هذا المعنى عما اشتهر على الألسنة ما أنصف القارئ المصلي ولا أصل له ولكن هذه أصوله. انتهى.
والله أعلم.