الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج في الصلاة على الكرسي لمن كان عاجزا عن القيام لعموم قوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا... رواه البخاري. ولم يقل له قاعدا على الأرض، وإنما أمره بمطلق القعود، والقعود نقيض القيام ويكون على الأرض وعلى الكرسي ونحوه، والعرب تسمي الجلوس على الكرسي قعودا، جاء في سنن أبي داوود والنسائي عن عَبْد خَيْرٍ رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ... إلخ، وفي النسائي أيضا عن أبي رفاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ قال خِلْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا فَقَعَدَ عَلَيْهِ... إلخ، وقد كان عليه الصلاة والسلام يصلي قاعدا على راحلته، وفي الصحيحين عن أبي بكرة أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ... وذكر الحديث، وفي صحيح مسلم عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ... وذكرت حديث الجساسة، والحاصل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر العاجز عن القيام بالقعود، ولم يقيده بالقعود على الأرض فلا يصح لأحد أن يقيد ما أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير برهان ويضيق على الناس أمرا لهم فيه سعة، ولم نجد أحدا ممن تدور عليه الفتوى من أهل العلم قال إن الصلاة على الكرسي بدعة.
وأما ما فعله الصحابة في اعتمادهم على العصي فلأنهم يريدون الظفر بثواب الصلاة كاملا فإن ثواب القاعد نصف أجر القائم كما ورد بذلك الحديث.
والله أعلم