الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الأمر كما ذكرت من وقوع زوجة أخيك في علاقة محرمة، وكانت قد تابت من ذلك ولم يظهر عليها ريبة، فلا حقّ لك في هجرها؛ فإنّ التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وارتجاع أخيك لها حينئذ لا حرج فيه، ولا يجوز لك مقاطعته بسبب ذلك، فإنّ قطيعة الرحم محرمة، فعن جبير بن مطعم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. متفق عليه.
أمّا إذا كانت مقيمة على تلك الأفعال المحرمة ولم يظهر منها توبة، وكان أخوك مقرا لها على تلك الأفعال بأن تركها تمارسها مع إمكان كفها عنها والحيلولة بينها وبين المعصية، فيجوز لك مقاطعته وأحرى مقاطعة زوجته.
وينبغي لك حينئذ إعلامه بأنّ مقاطعتك لهما بسبب هذا المنكر، وإن وجدت أنّ صلتك له أنفع من هجره ويرجى منها صلاحه أكثر من مقاطعته فصلته أولى، وانظري الفتوى رقم: 14139.
وعلى كل الأحوال فإذا أمرك زوجك بالبعد عن أخيك وأولاده من غير قطيعة فالواجب عليك طاعته، فإنّ صلة الرحم تحصل بكلّ ما يزيل القطيعة من السلام والسؤال ونحو ذلك، قال القاضي عياض: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلا. نقله العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري.
وننصحك بمداومة نصح أخيك وزوجته، مع مراعاة الستر عليها حتى يسترك الله يوم القيامة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: .. مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ متفق عليه.
والله أعلم.