الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان هذا الشخص أراد الحلف بآخر الرسالات، فينظر في معنى ذلك عنده، هل أراد الحلف بالقرآن أو بالدين. فأما الحلف بالقرآن فقد جوزه الجمهور لأن القرآن كلام الله، وكلامه صفة من صفاته. وأما الحلف بالدين فهو ممنوع لأنه ليس من أسماء الله ولا صفاته فدخل في عموم من حلف بغير الله، ففي الحديث: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه. وفي الحديث: من حلف بغير الله فقد أشرك. رواه أحمد.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: ولو قال بحدود الله لا يكون يمينا، واختلفوا في المراد بحدود الله؛ قال بعضهم: يراد به الحدود المعروفة من حد الزنا والسرقة والشرب والقذف، وقال بعضهم: يراد بها الفرائض مثل الصوم والصلاة وغيرهما، وكل ذلك حلف بغير الله فلا يكون يمينا. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت ولا بحد من حدود الله، ولا تحلفوا إلا بالله..... انتهى.
ويحتمل ألا يكون هذا الكلام يراد به القسم، وإنما يراد به سؤال الناس بحق ما ذكر، فينبغي النظر أيضا هل أراد السؤال بحق القرآن أو بحق الدين.
فإن أراد القرآن فالظاهر أن سؤال الناس بحق القرآن مثل سؤالهم بالله، وقد اختلف في جوازه فذهب جمع من أهل العلم إلى منع سؤال المخلوقين بالله، وقد عده الهيثمي في الكبائر واستدل لذلك بحديث: ملعون من سأل بوجه الله. رواه الطبراني وحسنه العراقي في طرح التثريب. وقال النووي في المجموع: يكره للإنسان أن يسأل بوجه الله تعالى غير الجنة .... لحديث جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسأل بوجه الله تعالى إلا الجنة. رواه أبو داود.
وفي الموسوعة الفقهية: لا يسأل بوجه الله ولا بحق الله لما فيه من اتخاذ اسم الله تعالى آلة...انتهى
وقد رجح الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى جواز السؤال بالله عز وجل، واحتج لذلك بحديث الأبرص والأقرع والأعمى. فقال رحمه الله في تعليقاته على كتاب التوحيد: قوله أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن. أخذ منه العلماء جواز السؤال بالله عز وجل، وإن كان كرهه بعض السلف ونهى عنه، ولكن الصحيح جوازه لقوله صلى الله عليه وسلم: من سألكم بالله فأعطوه. انتهى. وأما إن كان المتكلم أراد سؤال الناس بالدين فهو ممنوع بل إنه أولى بالمنع مما سبق.
والله أعلم.