الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر ولم يترك الميت وارثاً غيرهم فإن للزوجة الثمن فرضاً لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى: .. فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ... {النساء:12}، وللبنات الثلثين فرضاً لقول الله تعالى في الجمع من البنات: ..فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ.. {النساء:11}، والباقي للأخ الشقيق والأخت الشقيقة تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. {النساء:176}، ولا شيء للأخ من الأب والأخوات من الأب لكونهم جميعاً محجوبين حجب حرمان بالشقيق.
هذه هي القسمة الشرعية، وأما وصيته بأن تأخذ البنات الباقي بعد ثمن الزوجة فهذه وصية تخالف الوصية الشرعية وهي أيضاً وصية تتضمن حرمان بعض الورثة -الأخ الشقيق والأخت الشقيقة- من الميراث، ووصية أيضاً لوارث وهي ممنوعة شرعاً فلا عبرة بتلك الوصية إلا إذا رضي الأخ الشقيق والأخت الشقيقة بالتنازل عن نصيبهما من الميراث للبنات، ويشترط لصحة التنازل أن يكون المتنازل منها بالغاً رشيداً مختاراً. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 121878، والفتوى رقم: 97300.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.