الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاستعمال هذه الأشياء يجب أن يتقيد بشرط الجهة المانحة وهي جهة العمل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم. رواه البخاري تعليقا، وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني.
وقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا. رواه مالك في الموطأ.
فإن كانت جهة العمل تمنح هذه الأشياء على سبيل التمليك، فيجوز للموظفين أن يتصرفوا فيها كما يتصرفون في سائر أملاكهم، سواء في مكان العمل أو خارجه. وأما إذا كانت تمنحهم إياها للانتفاع بها في مكان العمل خاصة؛ فلا يجوز الانتفاع بها إلا فيه.
وفي حال زيادة هذه الأشياء عن حاجة العمل، وعدم إمكان الانتفاع بها فيه، فإنه يُنظر، فإن كانت معرضة للتلف لقرب انتهاء صلاحيتها أو نحو ذلك، فلا حرج في الانتفاع بها خارج مكان العمل، ما دام تعين ذلك سبيلا لاستنقاذها من التلف، لأننا نهينا عن إضاعة المال، كما في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال.
ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضالة الغنم، قال: خذها، فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب. ولما سئل عن ضالة الإبل غضب واحمرت وجنتاه وقال: ما لك ولها معها الحذاء والسقاء تشرب الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها. متفق عليه. فأباح صلى الله عليه وسلم التقاط ضالة الغنم دون ضالة الإبل لكونها معرضة للتلف أو الهلاك.
قال ابن القيم في (زاد المعاد): إن قيل: يدعها ولا يلتقطها، كانت للذئب، وتلفت، والشارع لا يأمر بضياع المال. اهـ.
والله أعلم.