الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تضمن سؤالك أمورا ثلاثة:
أولها عما بقي في ذمتك من الدين ويلزمك سداده لأصحابه عند يسارك ومقدرتك على ذلك إلا أن يبرئك منه أصحابه ويسقطوه عنك فلا حرج عليك حينئذ.
والأمر الثاني هو مضاربتك في مال الأ يتام وتنميتها لمصلحتهم فهو أمر حسن، كما قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. {الإسراء: 34}.
والتي هي أحسن هي الأكثر نفعاً لليتيم، كما قال أهل التفسير ومن ذلك المتاجرة به والمضاربة فيه ولو كان ذلك مقابل نسبة من الربح معلومة ، فهذا لا مانع منه شرعاً. إن كانت مأمونة العواقب -في الأغلب- وكانت فيما يحل من البيوع والسلع.
قال عمر رضي الله عنه: اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة. رواه مالك في الموطأ.
وجاء في أحكام القرآن للجصاص عند قوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ: هذا يدل على أن من له ولاية على اليتيم يجوز له دفع مال اليتيم مضاربة، وأن يعمل به هو مضاربة، فيستحق ربحه إذا رأى ذلك أحسن، وأن يبضع ويستأجر من يتصرف ويتجر في ماله، وأن يشتري ماله من نفسه إذا كان ذلك خيراً لليتيم، وهو أن يكون ما يعطي اليتيم أكثر قيمة مما يأخذه منه.
ومن لم يكن يأخذ راتباً أو عمولة على عمله في مال اليتيم فله أن يأكل منه بالمعروف إذا كان فقيراً أو يحتاج إليه. وفي ذلك يقول الله تعالى: وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ. {النساء: 6}.
وروى مالك في الموطأ أن رجلاً سأل ابن عباس فقال له: إن لي يتيماً وله إبل أفأشرب من لبنها؟ فقال له: إن كنت تبغي ضالتها وتهنأ جرباءها وتلط حوضها وتسقيها يوم وردها فاشرب من لبنها.
وقالت عائشة رضي الله عنها: للقائم على اليتيم أن يأكل من ماله بقدر عمالته. رواه البخاري.
وقال الحجاوي ويأكل الولي الفقير من مال موليه الأقل من كفايته أو أجرته. انتهى.
والأمر الثالث مما تضمنه سؤالك وهو الجائزة. فإن كان الحساب المذكور خاصا بمال الأيتام فالجائزة لهم ولو كان الحساب باسمك، وأما إن كان الحساب قد عملته لمالك الخاص لكنك تودع فيه أموالك وأموال اليتامى فالذي يظهر لنا أن الجائزة بينكما كانت تصرف لرب المال تشجيعا له على المضاربة لدى البنك واستثماره لماله عنده. وقد بينا حكم جوائز البنوك الإسلامية والانتفاع بها في الفتوى رقم: 3720.
والله أعلم.