الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يحق للأبناء الأستئثار بالأرض التي أوصى بها أبوهم لهم, ولا يحق للبنات المطالبة بالبيت ولو كانت الوصية مكتوبة وموثقة, لأن الوصية بالبيت لهن ليست واجبة التنفيذ لكونها وصية لوارث, والوصية لوارث ممنوعة شرعا ولا تمضي إلا إذا رضي بقية الورثة بإمضائها وكانوا بالغين رشداء لقوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اَللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ , فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالْأَرْبَعَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ, وَحَسَّنَهُ أَحْمَدُ وَاَلتِّرْمِذِيُّ , وَقَوَّاهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ اَلْجَارُودِ, وَرَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- , وَزَادَ فِي آخِرِهِ : { إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اَلْوَرَثَةُ }, قال الحافظ : وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ .
فإذا لم يرض الأبناء هنا بإمضائها فليس للبنات الحق في المطالبة بالبيت, وانظر التفصيل عن الوصية للوارث في الفتوى رقم: 121878.
وإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر ولم يترك الميت وارثا غيرهم فإن التركة للأبناء الخمسة والبنات الثمانية, وتقسم بينهم تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... {النساء: 11}.
ولا شيء لأبناء الابن ولا لبنات الابن ولا للأخ من الأم لكونهم جميعا محجوبين حجب حرمان بالفرع الوارث الذكر, والأخ من الأم لا يرث مع وجود الفرع الوارث مطلقا سواء كان ذكرا أو أنثى, فتقسم التركة على ثمانية عشر سهما , لكل ابن سهمان, ولكل بنت سهم واحد.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.