الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فان كان هذا الرجل جامع زوجه فقد بطل صومه، وتجب عليه التوبة النصوح من هذا الذنب العظيم والمنكر الجسيم الذي أوقعته فيه نفسه الأمارة بالسوء، ثم تجب عليه مع التوبة الكفارة بالعتق فإن لم يتيسر وجب عليه صيام شهرين متتابعين، فإن تأكد من عدم القدرة على الصوم فليطعم ستين مسكينا لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت، قال: وما شأنك، قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فقال: هل تجد ما تعتق رقبة. قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين، قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً، قال: لا أجد، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: خذ هذا فتصدق به، فقال: أعلى أفقر منا؟ ما بين لابتيها أفقر منا، ثم قال: خذه فأطعمه أهلك.
وهذه الكفارة واجبة على الترتيب خلافاً لمالك رحمه الله، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1104. ودلالة الحديث على هذا ظاهرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقله إلى الصوم إلا حين بين عجزه عن العتق، وكذا في الإطعام.
ويجب عليه مع الكفارة قضاء ذلك اليوم الذي أفسده بالجماع، ففي السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المجامع في نهار رمضان أن يقضي يوماً مكانه، صححه الألباني. والإلزام بالقضاء هو مذهب الجماهير من العلماء خلافاً لأهل الظاهر وشيخ الإسلام ابن تيمية.
ومن أخر القضاء من غير عذر حتى دخل رمضان آخر فعليه القضاء مع الفدية، والفدية هي إطعام مسكين واحد عن كل يوم يفطر فيه مدا من الطعام.
وقال ابن حجر الهيثمي رحمه الله في تحفة المحتاج عند كلامه على كفارة القتل: ويجب الفور في العمد وشبهه كما هو ظاهر تداركا لإثمهما بخلاف الخطأ. اهـ.
وقال الزركشي في قواعده: هل تجب على الفور؟ -يعني الكفارة- إن لم يتعد بسببه فعلى التراخي وإلا فعلى الفور.
وأما الزوجة فإن كانت مكرهة إكراهاً معتبراً، فلا شيء عليها لا القضاء ولا الكفارة وهذا قول الأكثر، وأما إن كانت مطاوعة فعليها القضاء قطعاً وفي لزوم الكفارة لها قولان مشهوران. وقد رجحنا عدم الوجوب كما في الفتوى رقم: 1113.
والله أعلم.