الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الحديث يدل على استحباب التصدق عن هذه المفاصل وثبت فيه وفي غيره ما يدل على إجزاء الأذكار وركعتي الضحى عن هذه الصدقات، قال ابن حجر في فتح الباري: على كل مسلم صدقة أي على سبيل الاستحباب المتأكد... إلى أن قال: صلاة الضحى تقوم مقام الثلثمائة وستين حسنة التي يستحب للمرء أن يسعى في تحصيلها كل يوم ليعتق مفاصله التي هي بعددها... انتهى.
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل من الصحيحين: ينبغي للإنسان أن يجتهد كل يوم أن يأتي من أفعال الخير بمقدار ذلك العدد فإن لم يطق سبح أو قرأ هذا المقدار على أن صلاة ركعتين ينوب عن ذلك من جهة أنه إذا قام وقعد وركع وسجد فقد شكر بكل الأعضاء. انتهى.
ودليل إجزاء صلاة الضحى عنها ما ثبت من الترغيب فيها كما في قوله صلى الله عليه وسلم: يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى. أخرجه مسلم وغيره. فهذا الحديث يدل على مدى أهمية صلاة الضحى، وكثرة الثواب المرتب عليها، فهي تجزئ عن ستين وثلاثمائة صدقة، وقد ذكر الملا على القاري في شرح المشكاة احتمالين في معنى كبر وحمد وهلل وسبح فقال: فمن كبر الله أي عظمه أو قال الله أكبر وحمد الله أي أثنى عليه أو شكره وهلل الله أي وحده أو قال لا إله إلا الله وسبح الله أي نزهه عما لا يليق به من الصفات السلبية أو قال سبحان الله واستغفر الله أي بالتوبة أو اللسان. انتهى.
ويؤيد ترجيح قصد الألفاظ قوله عليه الصلاة والسلام: إن بكل تسبيحة صدقة.. وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة.. إلخ. رواه مسلم. وبما نقل عن ابن الجوزي وهو قوله فيما نقلنا عنه أعلاه.. ينبغي للإنسان أن يجتهد كل يوم... فإن لم يطق سبح أو قرأ هذا المقدار.. يزول إشكال السائل.
والله أعلم.