الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا نسأل الله تعالى أولا أن يذهب عنك هذه الوساوس، وأن يفرج كربك إنه سبحانه سميع مجيب.
ثم إننا ننصحك بأن تهون على نفسك وتكثر من دعاء ربك. فهو القائل سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. {غافر:60} .
وإذا كنت كما ذكرت تهجم عليك هذه الوساوس ولا تستطيع التحكم فيها فأنت لست مؤاخذا بتصرفاتك ولا تكفر بذلك، وكيف تكفر وأنت تكره وتخاف وتنفر من هذه الوساوس الشيطانية، وذلك علامة على صحة الاعتقاد، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به، فضلاً عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره كما قال الصحابة : يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به. فقال : ذاك صريح الإيمان ، وفي رواية : ما يتعاظم أن يتكلم به : قال : الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة . أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس. اهـ .
وبهذا تعلم أن الزوجية بينك وبين زوجتك قائمة، ولا تلتفت إلى أي وساوس قد تخطر على قلبك بهذا الخصوص.
واعلم أن الوسواس القهري يمكن علاجه وهو يسير على من يسره الله عليه فما عليك إلا أن تجتهد في ذلك. وراجع الفتوى رقم: 51601. ففيها بعض سبل العلاج.
والله أعلم.