الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن للصدقة فضلا وأجرا كبيرا، خاصة إذا عظم نفعها وعمَّ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 51031، والفتوى رقم: 75866.
إلا أن بر الوالدين أفضل وأعظم أجرا، فإنه من أحب الأعمال إلى الله، كما سأل ابن مسعود رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ فقال: الصلاة على وقتها. قال: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين. قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. وعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. متفق عليهما.
وبذل هذا القدر من المال للوالدة وإن لم تكن محتاجة إليه، لا شك أنه صلة وإحسان وإدخال للسرور عليها، وهذه من أنواع البر الفاضلة.. ولذلك نرى للسائل الكريم أن يقسم هذا المبلغ على النحو الذي ذكره، وأن هذا أعظم لأجره؛ ففي الصحيحين أن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أعتقت وليدة لها، فقال لها: لو وصلت بعض أخوالك كان أعظم لأجرك. فما بالنا بصلة الأم؟ ويتأكد هذا بكون السائل لن يمتنع عن الصدقة بالكلية، وإنما سيقسم المال بين الصدقة والصلة.. ثم ننبه السائل على أنه لو كان له سعة من المال بحيث يداوم على إخراج الصدقة بالمبلغ الذي تعوده (300)، ويجمع إلى ذلك صلة أمه من غير هذا المبلغ، لكان خيراً وأعظم أجراً، وإلا فليقسمه كما سبق.
والله أعلم.