الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولاً: أن تصدق الإنسان بجميع ماله يختلف من شخص لآخر تبعاً لقوة ثقته بالله ومدى صبره على الضيق والشدة، قال الطبري وغيره: قال الجمهور: من تصدق بماله كله في صحة بدنه وعقله حيث لا دين عليه وكان صبوراً على الإضافة ولا عيال له أو له عيال يصبرون أيضاً فهو جائز، فإن فقد شيء من هذه الشروط كره، وقال بعضهم: هو مردود. فتح الباري.
فعلى ذلك إن كان الشخص المذكور قوي الثقة بالله صابراً على تأخير الزواج وغيره، فلا حرج عليه فيما فعل من التصدق بماله كله، كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
ثانياً: ينبغي أن يكون انتظاره التعويض من الله على سبيل الثقة بالله ورجاء فضله وكرمه، أما إن كان على سبيل الاشتراط والشعور باستحقاق العوض ورؤيته لعمل نفسه، فهذا من سوء الأدب مع الله، كان أبو ميسرة (عمرو بن شرحبيل) إذا أخذ عطاءه تصدق منه، فإذا جاء أهله فعدوه وجدوه سواء، فقال لبني أخيه: ألا تفعلون مثل هذا؟ فقالوا: لو علمنا أنه لا ينقص لفعلنا، قال: إني لست أشترط على ربي. سير أعلام النبلاء.
والذي ننصح به أن مثل هذا الشخص الذي لا يملك إلا ما يتصدق به ويريد أن يتزوج أو أن يمتلك سيارة ينتفع بها في حاجاته أن يدخر من ماله لهذا الغرض فإن ذلك من بذل الأسباب المشروعة، وفي الحديث: أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى. رواه البخاري. وراجع تفصيلاً أكثر في الفتوى رقم: 115101.
والله أعلم.