الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعليك ـ أخي الكريم ـ أن تثبت على توبتك إلى الله تعالى من علاقتك بهذه الفتاة ومما قمت به من تسجيل فاضح لها، والتوبة الصادقة لها شروط بيناها في الفتويين رقم: 6796، ورقم: 5450.
ونبشرك بأن الندم على الذنب يعتبر من علامات التوبة الصادقة، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. رواه أحمد.
ولكن هذه الشعور له أثر في الماضي وأثر في الحال وأثر في المستقبل.
أما أثره في الماضي: فندم وحسرة بسبب فعل المعصية.
وأما أثره في الحال: فإقلاع عن الذنب.
وأما أثره في المستقبل: فعزيمة صادقة على عدم العودة إلى الذنب إلى الممات.
ولا تخبر أحدا بهذا الذي حدث منك، بل عليك أن تستر على نفسك، فإنه ذنب سترك الله فيه، فلا تكشف ستر الله عنك، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جلا وعلا. رواه الحاكم والبيهقي، وصححه السيوطي، وحسنه العراقي.
وأما عن البحث عن هذا التسجيل الضائع: فابذل جهدك في البحث عنه، فإن وجدته، فتخلص منه بالطريقة التي تضمن أن لا يطلع عليه أحد، وإن لم تجده ـ بعد بذل الجهد ـ فأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يكفيك شره وأن يستره عن الناس، ولا تشغل نفسك الآن بما عسى أن يحدث إذا وقع في يد الغير وأمكنه أن يطلع عليه، بل الواجب عليك أن تنشغل بالتوبة وإصلاح ما بينك وبين الله جلا وعلا.
وأما عن حساب الآخرة: فإنك إذا صدقت في التوبة والإقلاع عن الذنوب، فإنا نبشرك بعفو الله عنك، فإنه سبحانه غفور رحيم، وقد وعد سبحانه بقبول التوبة، فقال: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}
وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}
قال ابن كثير ـ رحمه الله: هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة، وإخبار بأن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب منها ورجع عنها، وإن كانت ـ مهما كانت ـ وإن كثرت وكانت مثل زبد البحر. انتهى.
وقد وعد الله سبحانه من ستره من عباده في الدنيا، أن يستره في الآخرة، وقد صحت بذلك أحاديث كثيرة في صحيح مسلم وغيره، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يستر الله على عبد في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة.
والله أعلم.