الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لوالدتك الشفاء والعافية، ثم اعلم أن الواجب على والدتك أن تتقي الله ما استطاعت، وأن تأتي بما تقدر عليه من شروط الصلاة وأركانها؛ لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها. وقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. {التغابن: 16}. وقال صلى الله عليه وسلم: وإذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم.
وإذ إن والدتك عاجزة عن القيام والقعود فعليها أن تصلي على جنب، والأولى أن يكون على جنبها الأيمن، فتستقبل القبلة بوجهها وصدرها ثم تصلي، وتومئ بالركوع والسجود، فإن عجزت فإنها تصلي مستلقية على ظهرها. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب. متفق عليه. وفي رواية للنسائي: فإن لم تستطع فمستلقيا.
ثم إن والدتك إذا كانت لا تتحكم في الخارج منها فحكمها هو حكم المصاب بالسلس، فتتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها ولا يضرها ما خرج منها، وتصلي بوضوئها ذاك الفرض وما شاءت من النوافل وتتحفظ إن أمكن ذلك لئلا تنتشر النجاسة في ثيابها وبدنها، فإن وجدت من يعينها على الوضوء لكل صلاة فعليها أن تتوضأ كما بينا، فإن لم تجد تيممت لكل صلاة بعد دخول وقتها بتراب طاهر تضربه بيدها ضربة واحدة ثم تمسح وجهها وظاهر كفيها، وعليها أن تجتنب النجاسة ما أمكنها ذلك، فتحرص على أن تصلي مع طهارة بدنها وثيابها وفراشها الذي تصلي عليه، فإن عجزت عن تطهير شيء من ذلك ولم تجد من يعينها عليه فإنها تصلي حسب حالها.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: فما عجز عنه العبد من واجبات الصلاة سقط عنه قال الله تعالى: { فاتقوا الله ما استطعتم }. وقال تعالى: { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }. { لا تكلف نفس إلا وسعها }. وقال لما ذكر آية الطهارة: { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم }. الآية. وقد روي في الصحيحين عن النبي أنه قال: إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. فالمريض يصلي على حسب حاله كما قال النبي لعمران بن حصين: صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب. وسقط عنه ما يعجز عنه من قيام وقعود أو تكميل الركوع والسجود، ويفعل ما يقدر عليه فإن قدر على الطهارة بالماء تطهر وإذا عجز عن ذلك لعدم الماء أو خوف الضرر باستعماله تيمم وصلى ولا إعادة عليه لما يتركه من القيام والقعود باتفاق العلماء، وكذلك لا إعادة إذا صلى بالتيمم باتفاقهم. ولو كان في بدنه نجاسة لا يمكنه إزالتها صلى بها ولا إعادة عليه أيضا عند عامة العلماء. انتهى.
والله أعلم.