الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المرأة في تعاملها مع الرجال الأجانب لها حدود يجب ألا تتجاوزها بحجة الدعوة أو حسن النية، فإذا التزمت هذه الحدود من غض البصر والالتزام الشرعي الساتر لجميع البدن وترك الاختلاط بالرجال وأمن الفتنة ونحو ذلك، ثم صادفت من يتلبس بمنكر من الرجال فحينئذ ينظر في الأمر، فإن وجد غيرها من الرجال من ينكر هذا المنكر وقام بذلك فعلا فقد سقط حينئذ وجوب الإنكار وكفيت مؤنة الحديث مع الرجال؛ لأن إنكار المنكر فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف، ثم إنه قد يتعين، كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو أو لا يتمكن من إزالته إلا هو. انتهى.
أما إن لم يوجد غيرها وتعين عليها إنكار المنكر فحينئذ ينظر في الحال فإن غلب على ظنها السلامة من الفتنة بالرجال فقد وجب عليها التغيير في ضوء الضوابط المذكورة في الفتوى رقم: 124424.
أما إن خافت على نفسها فحينئذ تترك الإنكار لأنه لا يلزمها أن تهدي غيرها وتفتن نفسها، بل حفظ المرء لدينه مقدم على كل ما سواه.
وقد قدمنا في الفتوى رقم: 30695، أن الأولى ـ خصوصا في مثل هذه الأزمان ـ أن تقصر دعوة الرجال على الدعاة الرجال، ودعوة النساء على النساء الداعيات من النساء قطعا للفتنة وحسما للشر.
وراجعي ضوابط عمل المرأة كداعية في الفتوى رقم: 44541.
والله أعلم.